منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٣٧٥
عليها قطعا.
نعم إن كان مراده من الاحكام القطعية ما هو معلوم بضرورة الدين أو المذهب بحيث لا حاجة فيها إلى إعمال النظر واستفراغ الوسع فالتقييد في محله.
مضافا إلى: إخلال أخذ (الفقيه) في التعريف، لتوقف صدق هذا العنوان على معرفة جملة معتد بها من الاحكام، ولازمه عدم كون استفراغ الوسع في المرة الأولى والثانية اجتهادا، لعدم كونه فقيها بعد.
مع أنه لا ريب في صدق الاجتهاد على استفراغ الوسع في المسألة الأولى والثانية بعد حصول ملكة الاستنباط له.
وقد أورد على هذا الحد بوجوه أخرى مذكورة في المطولات لا سيما حاشية المعالم، فلتطلب منها.
ومنها: ما تقدم عن الشيخ البهائي (قده) من تعريف الاجتهاد بالملكة.
لكنه أيضا لا يخلو من تأمل، لامتناع تعريف ما يكون من مقولة بمقولة أخرى، إذ الاجتهاد (افتعال) وهو نفس استنباط الحكم من دليله، وليس ملكة حتى يكون استخراج الاحكام من أدلتها أثرا لها كما في مثل ملكة العدالة والسخاوة. واستخراج الاحكام من الأدلة و إن كان منوطا بتلك القوة التي يتمكن بها من تطبيق القواعد الكلية - بعد إتقانها - على مواردها. إلا أن الموضوع للآثار الشرعية هو العارف بالأحكام، لا مجرد من يقتدر على الاستنباط، لظهور هذه المواد المأخوذة في الهيئات في فعليتها.
وحيث إنك عرفت كون الاجتهاد من مقولة الفعل، والملكة من مقولة الكيف النفساني أو غيرها، فلا وجه لتعريفه بالملكة، إذ لا معنى لتعريف شئ بمباينه، بعد وضوح تباين المقولات وكونها أجناسا عالية.
ومنها: ما في مقالات شيخنا المحقق العراقي (قده) من تعريف الاجتهاد (بأنه تحصيل الوظيفة الفعلية العملية). وهذا التعريف سليم عن جملة من المناقشات، فعنوان (تحصيل الوظيفة) شامل لما إذا استلزم الاستنباط استفراغ الوسع وعدمه، بعد اختلاف الفروع الفقهية وضوحا وغموضا. كما أن تبديل الحكم الشرعي ب (الوظيفة) يعم جميع موارد الاستنباط سواء أدى إلى معرفة الحكم الواقعي أم الظاهري، الشرعي أم العقلي كالاحتياط والتخيير وحجية الظن الانسدادي على الحكومة.
ولعل الأولى تعريف الاجتهاد بأنه (إحراز المؤمن عقلا أو شرعا من أدلة الفقه) لالتئامه مع