منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٦٢٧
مناص للعامي إلا الاعتماد على الظن كالمجتهد، لان الاقتصار على القدر المعلوم من الضرورة والاجماع من التكاليف يوجب الخروج عن الدين، لكونه في غاية القلة، وإلزام الاحتياط يستلزم العسر والحرج، هذا ما حكي في التقريرات عن المحقق القمي (قده).
وفيه أولا: أن هذا الدليل مبني على دليل الانسداد، وقد ثبت في محله عدم تماميته.
وثانيا - بعد تسليمه -: أن مقتضى هذا الدليل حجية قول الميت إذا كان الظن الحاصل منه أقوى من الظن الحاصل من قول الحي، فالدليل أخص من المدعي الذي هو حجية قول الميت مطلقا، بل مقتضى هذا الدليل حجية كل ظن يكون أقوى من الظن الحاصل من قول الميت وإن حصل من الأسباب غير المتعارفة، إذ مقتضى دليل الانسداد حجية كل ظن قوي وإن لم يحصل من قول الميت.
وثالثا: أن لازم هذا الدليل وجوب العمل بالظن على العامي، ومن المعلوم أن الظن الحاصل من فتوى المعظم بعدم جواز تقليد الميت و من الاجماعات والشهرة والاخبار والآيات مانع من حصول الظن الشخصي من قول الميت في خصوص المسألة الفرعية، فيلزم أن يكون هذا الدليل - بناء على ما اشتهر عند الأصوليين من تقدم الظن المانع على الظنالممنوع عند التعارض وإن كان أضعف من الظنالممنوع - دليلا على عدم حجية فتوى الميت، فينتج نقيض المطلوب.
ورابعا: أن دوران الحجية مدار ظن العامي أجنبي عن المدعي وهو حجية قول الميت في باب التقليد تعبدا، لا في خصوص ما كان للعامي مفيدا للظن.
فالمتحصل: أن هذا الدليل العقلي لا يجدي في إثبات جواز تقليد الميت أصلا.
مقتضى الأصل العملي اعتبار الحياة وأما المقام الثالث - وهو الأصل العملي الذي قد يتمسك به لجواز تقليد الميت - فملخص الكلام فيه: أنه - بناء على ما قيل من قصور الأدلة الاجتهادية عن إثبات إطلاق الحياة في جواز التقليد، ووصول النوبة إلى الأصل العملي - يكون الأصل في المقام استصحاب شرطية الحياة، ومعه لا يجري استصحاب الحجية وغيرها مما ذكر في المقام، لحكومة استصحاب الشرطية عليه، لما مرت الإشارة إليه من تسبب الشك في الحجية ونحوها عن الشك في شرطية الحياة، إذ مع فرض ثبوت شرطيتها في ابتدأ التقليد، لكونه ظاهر أدلته أو متيقنها الخارج عن عموم حرمة العمل بغير العلم.