منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٦٤
وهو ممن روى عنه بعض أصحاب الاجماع، وبضعف المرسلات مهما كان مرسلها. وحينئذ فإما أن يتأمل في أصل هذا الاجماع ورد علمه إلى مدعيه، وإما يخصص بمقدار قيام الحجة على روايتهم عن الضعفاء وفي المراسيل أيضا، ويؤخذ به في غيرها، فيعول عليه في توثيق المجاهيل الذين روى هذه العدة عنهم. وإما أن يؤخذ به في موارد انفرادهم بالرواية دون موارد التعارض.
والمتعين - بحسب الظاهر - هو الأول، ولا مجال للالتزام بالتخصيص، وذلك أما أولا: فلان قول الكشي: (أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن جماعة) وقول الشيخ ممن عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة) آب عن التخصيص والتقييد، لوضوح كثرة ثقات الرواة وعدم انحصارهم في العدة المنعقد عليهم الاجماع، وإنما المقصود بيان فضيلة ومنقبة تختص بهم ولا يشاركهم فيها غيرهم، لان غير هؤلاء كما رووا عن الثقة كذلك رووا عن غيره، فالعصابة التي سوت بين مراسيل هؤلاء وبين مسانيد غيرهم كأنهم أخبروا عن قضية خارجية، وهي اقتصار هذه العدة الجليلة على الرواية عن الثقات خاصة، فإذا ثبت - باعتراف الشيخ وغيره - رواية هؤلاء عن الثقات والضعفاء كسائر الرواة كشف ذلك عن عدم تحقق هذه الخصوصية فيهم.
ولعله لهذا ذهب صاحب الرياض وغيره إلى أن المفهوم من العبارة وثاقة نفس هذه العدة، دون توثيق الوسائط، ولا التعبد بصحة روايتهم.
فان قلت: لا وجه لطرح هذه الشهادة الاجمالية كلية لمجرد قيام الدليل على روايتهم عن الضعفاء أحيانا، بل لا بد من الاخذ بها و تخصيصها بموارد قيام الحجة على الخلاف، فإنها نظير التوثيق العام الذي استفادة بعض الأجلة من مقدمتي تفسير علي بن إبراهيم القمي وكامل الزيارات، حيث لا منافاة بينه وبين تخصيصه بمن ثبت ضعفه عند الأصحاب. وليس ذلك إلا لان حمل العام على الخاص توثيق عرفي جرت عليه سيرة العقلاء في محاوراتهم. وما أكثر العمومات - في الخطابات الشرعية - المخصصة بقرائن منفصلة حتى قيل: ما من عام إلا وقد خص. وعليه فاللازم الاخذ بظاهر كلامي الكشي والشيخ وتخصيصه بموارد ثبت فيها روايتهم عن الضعفاء و بالمراسيل.
قلت: فرق بين المقام وبين العمومات الشرعية الصادرة من باب ضرب القانون، فإن طريقة التقنين جرت على بيان العام بنحو القضية الحقيقية - حتى لو كان الموضوع معدوما في ظرف التشريع - ثم بيان المخصصات حسب الحاجة. وهذا الامر لا يجري في المطلقات الواردة في جواب السائل عن وظيفته الفعلية المبتلى بها، ولذا التزم الفقهاء في موارد بالمعارضة بين المطلق والمقيد