منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٦٦
وبما ذكرناه ظهر الاشكال في الاخذ ب آخر كلام الشيخ في العدة (من حجية روايات هذه العدة فيما إذا لم يكن معارض لها سواء رووا مسندا أم مرسلا) وذلك لان مأخذ هذا الكلام - ظاهرا - هو كلام الكشي، حيث لا تعرض فيه لحكم معارضة أخبار أصحاب الاجماع بروايات الآخرين، كما ذكرناه في أول البحث. وحيث عرفت تعذر الاعتماد عليه لم يختلف حكم انفراد هذه العدة بالرواية - مسندا أو مرسلا - عن حكم تعارض روايتهم مع رواية غيرهم.
وأما احتمال عدول الشيخ عما ذهب إليه في كتابي الاخبار - من الحكم بضعف علي بن حديد وطرح المراسيل - إلى ما أفاده في العدة من قوله: (لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة.) لأنه (قده) ألف التهذيب والاستبصار قبل كتاب العدة كما يظهر من قوله في بحث الخبر الواحد: (وقد ذكرت ما ورد عنهم عليهم السلام من الأحاديث المختلفة التي تختص بالفقه في كتابي المعروف بالاستبصار، وفي كتاب تهذيب الأحكام ما يزيد على خمسة آلاف حديث، وذكرت في أكثرها اختلاف الطائفة في العمل بها. إلخ). وعليه فتوثيقه العام في العدة ناسخ لما صنعه في الكتابين، فلا بد من الاخذ بشهادته في العدة من اعتبار جميع مسنداتهم ومرسلاتهم.
فممنوع، إذ المستفاد من العبارة سبق تأليف التهذيب والاستبصار على تأليف كتاب العدة، ولا دلالة فيها على عدوله عما صنعه في الكتابين من ترجيح بعض الاخبار على بعض، فإن هذا الترجيح أو التخيير مما لا بد منه عند اختلاف الاخبار، ولا أدري كيف يتوهم من مجرد تأخر تأليف العدة عدوله عن مبناه المعمول به في كتابي الاخبار؟ ولو فرض عدوله عنه للزم التنبيه عليه في نفس الكتابين في كل موضع حكم بطرح مراسيل أصحاب الاجماع، وعدم الاقتصار على دعوى إجماع الطائفة على التسوية بين مراسيل هؤلاء ومسانيد غيرهم.
هذا كله مضافا إلى أن من الأصحاب من يحكم بوثاقة الرجل استنادا إلى أمور قاصرة عندنا عن إثباتها، مثل كون الراوي شيخ إجازة أو وكيلا عن الامام المعصوم عليه السلام، أو كونه من أصحاب الصادق عليه السلام إلا من ثبت ضعفه، أو كونه من رجال محمد بن أحمد بن يحيى ولم يستثن من رواياته، أو كونه كثير الرواية عن المعصوم عليه السلام، أو كونه صاحب أصل أو كتاب، وغير ذلك مما تحقق عدم صلاحيته لاثبات الحسن فضلا عن الوثاقة.
فالنتيجة: أن رواية صفوان عن عمر بن حنظلة لا تقتضي وثاقة عمر ولا حسنه، والله تعالى هو