مجمع الفائدة - المحقق الأردبيلي - ج ١٢ - الصفحة ٣٥٥

____________________
وقد مر مثلها والبحث عنه، ولكن زاد في هذه تكرار الاستغفار كلما ذكره أنه اغتابه أو كلما ذكره بالغيبة أي اغتابه.
وذكر في هذا الباب أيضا روايتين في أن الغيبة إنما هي ذكر ما لم يعرفه الناس مما فيه من العيوب، لا ما يعرفون ومما ليس فيه.
(إحداهما) رواية أبان، - المشترك - عن رجل لا نعلمه إلا يحيى الأزرق، قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: من ذكر رجلا من خلفه بما هو فيه مما عرفه الناس لم يغتبه، ومن ذكره من خلفه بما هو فيه مما لا يعرفه الناس اغتابه، ومن ذكره بما ليس فيه فقد بهته (1).
(والأخرى) رواية عبد الرحمان بن سيابة - المجهول - قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه، وأما الأمر الظاهر فيه مثل الحدة والعجلة فلا، والبهتان أن تقول فيه ما ليس فيه (2).
وهما غير صحيحتين، لاشتراك أبان ومجهولية عبد الرحمان.
مع أن مضمونهما خلاف العقل والنقل، فإن العقل يقبح قول ما يكره صاحبه من العيوب وإن كانت فيه، وهو ظاهر ومشاهد، والآية (3) والأخبار العامة منافية لهما.
بل والخاصة أيضا في الغيبة، مثل ما نقل عن عائشة أنها أشارت إلى قصر صفية زوجته صلى الله عليه وآله، قال لها: لقد قلت كلمة لو مزجت ببحر لأنتنه (4).

(١) أصول الكافي باب الغيبة والبهت، ج ٢ حديث ٦ ص ٣٥٨، طبع الآخوندي.
(٢) أصول الكافي باب الغيبة والبهت، ج ٢ حديث ٧ ص ٣٥٨، طبع الآخوندي.
(٣) يعني إطلاق آية حرمة الغيبة.
(٤) متن الحديث هكذا: عن عائشة، قالت: قلت للنبي صلى الله عليه (وآله) وسلم: حسبك من صفية كذا وكذا، قال غير مسدد (اسم راوي الحديث): تعني قصيرة، فقال: لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته، قالت: وحكيت له إنسانا فقال: ما أحب أني حكيت إنسانا وإن لي كذا وكذا (سنن أبي داود ج ٤ ص ٢٦٩، باب في الغيبة، طبع مصر).
(٣٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 ... » »»
الفهرست