وأما ما ذكرناه في التلف في زمان الخيار: من الحمل على التعبد (1)، فإنما هو لقيام قرينة هناك عليه; وهي أن العيب الحادث أيضا مضمون على البائع فراجع، وسيأتي الكلام في ضمان الأوصاف التالفة قبل القبض (2).
وعلى ما ذكرنا: من دلالة الدليل على الانفساخ الحقيقي قبل التلف، تكون المنافع إلى زمان الانفساخ للمشتري، ومن حال التلف تترتب جميع آثار الملك الحقيقي للبائع، فله الانتفاع بالتالف، وإذا كانت له منفعة فهي له.
وأما لو قلنا: بالحقيقة الادعائية، اللازم منها ترتيب آثار كون التلف من ما له، فلا مجا ل لترتيب آثار الملك عليه; لأن الادعاء على أن التلف من ملكه، لا أن التالف ملكه، فلا بد من الاقتصار على مورد التعبد، فليس للبائع الانتفاع بالتالف، ولا يجب عليه تجهيز العبد الذي مات قبل القبض، بل يكون ذلك للمشتري، وذاك عليه.
ثم إن الضمان المعاوضي المذكور، ليس من الحقوق القابلة للإسقاط; فإن انفساخ العقد ورجوع العوضين - سواء قلنا: بانفساخه حقيقة أو حكما - من الأحكام الشرعية غير القابلة للإسقاط والإبراء والنقل; مما يجري في الحقوق، كما أن اشتراط عدم الانفساخ عند التلف، مخالف للشرع، فلا نفوذ له.
ثم إن الرافع لهذا الضمان هو القبض، وهو - كما مر (3) - عبارة عن الاستيلاء على المبيع والاستقلال به، لا جعله في قبضة البائع، فالتخلية بلا حصول استيلاء للقابض، ليست بقبض، ومعه يصدق القبض عرفا بلا إشكال.