الجواب: أنه لا يستحيل أن يأمر بشيئين، فيقوم الدليل على عدم وجوب أحدهما، فيبقى الآخر على أصل الوجوب، على أن الحمد والثناء هو واجب قبل الدعاء فإنه عبارة عن التشهد، وقد أمر النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم به وأخبر الصحابة أنه فرض عليهم، ولم يكن اقتران الأمر بالدعاء به مسقطا لوجوبه، فكذا الصلاة على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم الكلية: الدعاء لا يجب، باطل لا يطرد، فإن من الدعاء ما هو واجب، كالدعاء بالتوبة والاستغفار من الذنوب، والهداية والعفو، وغيرها.
الأمر الثالث: أنه لو كانت الصلاة على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم فرضا في الصلاة لم يؤخر بيانها إلى هذا الوقت، حتى يرى رجلا لا يفعلها فيأمره بها، ولكان العلم بوجوبها مستفادا قبل هذا الحديث.
الجواب: إنا لم نقل إنها وجبت على الأمة إلا بهذا الحديث، بل هذا المصلي كان قد تركها فأمره النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بما هو مستقر معلوم من شرعه، وهذا كحديث المسئ في صلاته، فإن وجوب الركوع والسجود والطمأنينة على الأمة لم يكن مستفادا من حديثه، وتأخير بيان النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لذلك إلى حين صلاة هذا الأعرابي، وإنما أمره أن يصلي الصلاة التي شرعها لأمته قبل هذا. وكم لهذا من نظائر في الأحاديث.
الأمر الرابع: أن في حديث فضالة برواية أبي داود والترمذي المتقدمين [فقال: له، أو لغيره] بحرف (أو) الترددية والتخييرية ولو كان هذا واجبا على كل مكلف لم يكن ذلك له أو لغيره.
الجواب: أن الرواية الصحيحة التي رواها ابن خزيمة، وابن حبان وكما عن أحمد والحاكم المذكورين آنفا [فقال: له، ولغيره] بالواو العطف وكذا رواه الدارقطني، والبيهقي، وغيرهم ممن ذكرنا مصدره، على أن حديثهما صريح في العموم بقوله: [إذا