من بعده من كان يحل له ما كان يحل له، ويحرم عليه ما يحرم عليه. قلت: من هو؟ قال علي بن أبي طالب، سد أبواب المسجد وترك باب علي، وقال له: لك في هذا المسجد ما لي، وعليك فيه ما علي، وأنت وارثي ووصيي، تقضي ديني وتنجز عداتي، وتقتل على سنتي، كذب من زعم أنه يبغضك ويحبني.
وفضل الإمام علي عليه الصلاة والسلام وأنه خير الناس مما لا يخفى على مثل ابن القيم وغيره لكن {ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور} [النور: 40].
قال ابن أبي الحديد أيضا: ولكن العلماء قالوا: إذا ذكر أحد المسلمين تبعا للنبي صلى الله عليه (وآله) وسلم فلا كلام في جواز ذلك " الصلاة عليه " وأما إذا أفردوا أو ذكر أحد منهم فأكثر الناس كرهوا الصلاة عليه لأن ذلك شعار رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فلا يشركه فيه غيره.
وأما أصحابنا من البغداديين فلهم اصطلاح آخر وهو أنهم يكرهون إذا ذكروا عليا عليه الصلاة والسلام أن يقولوا: [صلى الله عليه] ولا يكرهون أن يقولوا: [صلوات الله عليه]، وجعلوا اللفظة الأولى مختصة بالرسول صلى الله عليه وآله، وجعلوا اللفظة الثانية مشتركة فيها بينهما عليهما السلام، ولم يطلقوا لفظ الصلاة على أحد من المسلمين إلا على علي وحده. انتهى.
أقول: ولا عبرة بكراهيتهم بعد ثبوت استحبابه، والاستحسان العقلي البحت لا يقابل النصوص - مع أنه ليس دليلا شرعيا في الواقع - وتغيير الألفاظ لا مدخلية له في الجواز وعدمه واللفظين يحتمل فيها الخبر والإنشاء إن ادعي أن: [صلوات الله عليه] يقصد فيه الإنشاء بالدعاء والخبر ب [صلى الله عليه] بل الأولى أن تقصد الإنشاء على كل حال وبكل لفظ، وهذا هو ما يحصل به الفائدة للصلوات، ثم أن الجمع في بعض الأحيان يكون أبلغ من المفرد. ثم وهل الأحكام الشرعية والعبادة الربانية تتمشى على حسب الاصطلاحات فليس ذلك إلا مجرد اصطلاح أيضا، مخالف للكتاب والسنة