وبعبارة أخرى إن أقربهم مني يوم القيامة وأولاهم بشفاعتي وأحقهم بالإفاضة من أنواع الخيرات ودفع المكروهات أكثرهم علي صلاة في الدنيا، لأن كثرة الصلاة تدل على نصوح العقيدة وخلوص النية وصدق المحبة والمداومة على الطاعة والوفاء بحق الواسطة الكريمة ومن كان حظه من هذه الخصال أوفر كان بالقرب والولاية أحق وأجدر، وهذا بمثابة شرح لقوله تعالى: {ألا أن أولاء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
وقال أبو العلا، في تحفة الأحوذي، ج: 2، ص: 496، قوله: [أولى الناس بي] أي أقربهم بي أو أحقهم بشفاعتي [أكثرهم علي صلاة] لأن كثرة الصلاة منبئة عن التعظيم المقتضي للمتابعة الناشئة عن المحبة الكاملة المرتبة عليها محبة الله تعالى قال تعالى {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم}.
وورد عن العامة ما يؤيد هذا المعنى ففي مسند الشاميين، ج: 2، ص: 102، عن معاذ بن جبل لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن خرج معه يوصيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذ راكب، ورسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم تحت راحلته فلما فرغ قال: يا معاذ إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي، ولعلك تمر بمسجدي وقبري، ثم التفت وأقبل بوجهه نحو المدينة فقال: [إن أهل بيتي يرون أنهم أولى الناس بي، وليس كذلك إن أولى الناس بي المتقون من كانوا حيث كانوا. اللهم لا أحل لهم فساد ما أصلحت، وأيم الله لتكفأ أمتي عن دينها كما يكفأ الإناء في البطحاء]. والمقصود بأهل بيته هنا المعنى العام المتقدم الذي يشمل جميع من حرمت عليه الصدقة والقرينة على هذا المعنى قول: صلى الله عليه وآله وسلم:
[لتكفأ أمتي عن دينها كما يكفأ الإناء في البطحاء] وهذا كنحو ما مر عن الإمام الرضا عليه السلام في خطابه مع أخيه زيد.
وفي لفظ آخر للحديث المتقدم رواه البيهقي في شعب الإيمان عنه صلى الله عليه وآله وسلم [فمن كان أكثرهم علي صلاة كان أقربهم مني منزلة] [1].