وهذه مغالطة مكشوفة، لأن سؤالهم لم يكن على معنى الصلاة عليه حتى يرد ما ذكره وإنما كان عن كيفية الصلاة عليه، كما جاء في جميع الروايات على ما سبقت الإشارة إليه وحينئذ فلا غرابة، لأنهم سألوه عن كيفية شرعية لا يمكنهم معرفتها إلا من طريق الشارع الحكيم العليم.
وهذا كما لو سألوه عن كيفية الصلاة المفروضة بمثل قوله تعالى: {أقيموا الصلاة} [الروم: 31]، فإن معرفتهم لأصل الصلاة في اللغة لا يغنيهم عن السؤال عن كيفيتها الشرعية، وهذا بين لا يخفى.
وأما حجيته المشار إليها فلا شئ، ذلك لأنه من المعلوم عند المسلمين أن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم هو المبين لكلام رب العالمين، كما قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} [النحل: 44]، فقد بين صلى الله عليه (وآله) وسلم كيفية الصلاة عليه وفيها ذكر الآل، فوجب قبول ذلك منه لقوله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه} [الحشر: 7]، وقوله صلى الله عليه (وآله) وسلم في الحديث الصحيح المشهور: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)، وهو مخرج في كتاب (تخريج المشكاة: 163، و 4247).
وليت شعري! ماذا يقول النشاشيي - ومن قد يغتر ببهرج كلامه - فيمن عسى أن ينكر التشهد في الصلاة، أو أنكر على الحائض ترك الصلاة والصوم في حيضها؟!
بدعوى أن الله تعالى لم يذكر التشهد في القرآن، وإنما ذكر القيام والركوع والسجود فقط! وأنه تعالى لم يسقط في القرآن الصلاة والصوم عن الحائض، فالواجب عليها القيام بذلك! فهل يوافقون هذا المنكر في إنكاره، أم ينكرون عليه ذلك؟ فإن كان الأول (و ذلك مما لا نرجوه) فقد ضلوا ضلالا بعيدا، وخرجوا عن جماعة المسلمين، وإن كان الآخر فقد وفقوا وأصابوا، فما ردوا به على المنكر، فهو ردنا على النشاشيي، وقد بينا لك وجه ذلك.