وستعرف أن الله تعالى تجلى لخلقه في كل ما يمكن من صفاته الجمالية الفعلية بأكمل خلقه وأفضلهم، فجعلهم منابع فيضه، وسحائب فضله، ومظاهر أسمائه، ومرايا رحمته ومحبته، وأن الصلاة عليهم من آثار التجلي بالجمال للسائل والمصلي ولهم عليهم الصلاة والسلام بعدة اعتبارات..
وسيأتي توضيح (ما يمكن توضيحه) خلال أبحاث هذا الكتاب الشريف، وقد حرصنا أن لا نذكر من أبحاثنا الغامضة إلا بعض الإشارات التي يقتضيها المقام، وقد اشتمل على لطائف أسرارها، ودقائق مناقبها، وآثارها الوضعية والدنيوية والبرزخية، والأخروية، وفوائدها العامة.. كما ونتطرق إلى تفسير الآية مفصلا وما يتعلق بها من مطالب فقهية، وتجليات عرفانية، وإشارات تأويلية وأمور خلافية.. وأحاديث متواترة في الكيفية التي أراده الله عز وجل بنزول الآية، وتعيين كيفية الصلاة وغير ذلك من مطالب شريفة، ومقاصد لطيفة ستطلع عليها بالتفصيل.
والله سبحانه أسأل أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، ووسيلة لي ولوالدي إلى جنة النعيم، وذريعة إلى رضى النبي وآله عليه وعليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام، وأن ينتفع به المسلمون، فإني جعلت على نفسي أن لا أذكر فيه إلا ما يكون فيه مقنع لطالب الرشد والهداية، وإني أدعوهم بكل حب وتقدير أن يحكموا عقولهم، ويتركوا التعصب، فإن ترك التعصب وتحكيم العقول يؤدي إلى رؤية الحقيقة في أجلى مظاهرها، وأصدق معانيها، هذا وكلمة الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها كما في المأثور عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وقال: [كلمة الحكمة يسمعها المؤمن خير من عبادة سنة] [1]: (فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب) [الزمر: 18].
وليست نيتنا في عملنا هذا إلا إرائة الطريق، وهداية القاصرين راجين أن نكون من الهداة إلى سبيله والدعاة إلى طاعته وقد قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم للإمام علي صلوات الله وسلامه عليه: [لئن يهدي الله بك عبدا من عباده خير لك مما طلعت عليه الشمس من مشارقها إلى مغاربها] (1).