وظهرت كفايته في شأنها فاستدعاه السلطان سنجر فاختصه وكان يصاحبه في أسفاره وحروبه وكلما مر يزيد تقدما عنده والله تعالى أعلم بغيبه وأحكم ثم كثرت السعاية عند السلطان سنجر في أتسز خوارزم شاه وانه يحدث نفسه بالامتناع فسار سنجر إليه لينتزع خوارزم من يده فتجهز أتسز للقائه واقتتلوا فانهزم أتسز وقتل ابنه وخلق كثير من أصحابه واستولى سنجر على خوارزم وأقطعها غياث الدين سليمان شاه ابن أخيه محمدا ورتب له وزيرا وأتابك وحاجبا وعاد إلى مرو منتصف ثلاث وثلاثين وكان أهل خوارزم يستغيثون لأتسز فعاد إليهم بعد سنجر فأدخلوه البلد ورجع سليمان شاه إلى عمه سنجر واستبد أتسز بخوارزم والله أعلم ثم سار سنجر سنة ست وثلاثين لقتال الخطأ من الترك فيما وراء النهر لما رجعوا لملك تلك البلاد فيقال ان أتسز أغراهم بذلك ليشغل السلطان سنجر عن بلده وأعماله ويقال ان محمود بن محمد بن سليمان بن داود بقراخان ملك الخانية في كاشغر وتركستان وهو ابن أخت سنجر زحفت إليه أمم الخطأ من الترك ليتملكوا بلاده فسار إليهم وقاتلهم فهزموه وعاد إلى سمرقند وبعث بالصريخ إلى خاله سنجر فعبر النهر إليه في عساكر المسلمين وملوك خراسان والتقوا في أول صفر سنة ست وثلاثين فانهزم سنجر والمسلمون وفشا القتل فيهم يقال كان القتلى مائة ألف رجل وأربعة آلاف امرأة وأسرت زوجة السلطان سنجر وعاد منهزما وملك الخطأ ما وراء النهر وخرجت عن ملك الاسلام وقد تقدم ذكر هذه الواقعة مستوفى في أخبار السلطان سنجر ولما انهزم السلطان سنجر قصد أتسز خوارزم شاه خراسان فملك سرخس ولقى الامام أبا محمد الزيادي وكان يجمع بين العلم والزهد فأكرمه وقبل قوله ثم قصد مرو الشاهجان فخرج إليه الإمام أحمد الباخوري وشفع في أهل مرو وأن لا يدخل لهم أحد من العسكر فشفعه وأقام بظاهر البلد فثار عامة مرو وأخرجوا أصحابه وقتلوا بعضهم وامتنعوا فقاتلهم أتسز وملكها عليهم غلابا أول ربيع من سنة ست وثلاثين وقتل الكثير من أهلها وكان فيهم جماعة من أكابر العلماء وأخرج كثيرا من علمائها إلى خوارزم منهم أبو بكر الكرماني ثم سار في شوال إلى نيسابور وخرج إليه جماعة من العلماء والفقهاء متطارحين أن يعفيهم مما وقع بأهل مرو فأعفاهم واستصفى أموال أصحاب السلطان وقطع الخطبة لسنجر وخطب لنفسه ولما صرح باسمه على المنبر هم أهل نيسابور بالثورة ثم ردهم خوف العواقب فاقصروا وبعث جيشا إلى أعمال بيهق فحاصرها خمسا ثم ساروا في البلاد ينهبون ويكتسحون والسلطان سنجر خلال ذلك متغافل عنه فيما يفعله في خراسان لما وراءه من مدد الخطأ وقوتهم ثم أوقع الغز سنة ثمان وأربعين بالسلطان سنجر واستولوا على خراسان وكان هؤلاء الغز
(٩٠)