كان أنوشتكين جدهم تركيا مملوكا لرجل من غرشتان ولذلك يقال له أنوشتكين غرشه ثم صار لرجل من أمراء السلجوقية وعظمائهم اسمه ملكابك وكان مقدما عنده لنجابته وشجاعته ونشأ ابنه محمد على مثل حاله من النجابة والشجاعة وتحلى بالأدب والمعارف واختلط بأمراء السلجوقية وولى لهم الاعمال واشتهر فيهم بالكفاية وحسن التدبير ولما ولى بركيارق ابن السلطان ملك شاه وانتقض عليه عمه أرسلان أرغون واستولى على خراسان بعث إليه العساكر سنة تسعين وأربعمائة مع أخيه سنجر وسار في اثره ولقيهم في طريقهم خبر مقتل أرغون عمهم وان بعض مواليه خلفه فعدا عليه فقتله كما مر قبل فسار بركيارق في نواحي خراسان وما وراء النهر حتى دوخها وولى عليها أخاه سنجر وانتقض عليه أمير ميران من قرابته اسمه محمد بن سليمان فسار إليه سنجر وظفر به وسمله وعاد بركيارق إلى العراق بعد أن ولى على خوارزم اكنجى شاه ومعنى شاه بلسانهم السلطان فأضيف إلى خوارزم على عادتهم في تقديم المضاف إليه على المضاف ولما انصرف بركيارق إلى العراق تأخر من أمرائه قودز وبارقطاش وانتقضا على السلطان ووثبا بالأمير اكنجى صاحب خوارزم وهو بمرو ذاهبا إلى السلطان شاه فقتلاه وبلغ الخبر إلى السلطان وقد انتقض عليه بالعراق الأمير انز ومؤيد الملك بن نظام الملك فمضى لحربهما وأعاد الأمير داود حبشي بن ايتاق في عسكر إلى خراسان لقتالهما فسار إلى هراة وعاجلاه قبل اجتماع عساكر فعبر جيحون وسبق إليه بارقطاش فهزمه داود وأسره وبلغ الخبر إلى قودر فثار به عسكره وفر إلى بخارى فقبض عليه نائبها ثم أطلقه ولحق بالملك سنجر فقبله وأقام برقطاش أسيرا عند الأمير داود وصفت خراسان من الفتنة والثوار واستقام أمرها للأمير داود حبشي فاختار لولاية خوارزم محمد بن أنوشتكين فولاه وظهرت كفايته وكان محبا لأهل الدين والعلم مقربا لهم عادلا في رعيته فحسن ذكره وارتفع محله ثم استولى الملك سنجر على خراسان فأقر محمد بن أنوشتكين وزاده تقديما وجمع بعض ملوك الترك وقصد خوارزم وكان محمد غائبا عنها ولحق بالترك محمد بن اكنجى الذي كان أبوه أميرا على خوارزم واسمه طغرل تكين محمد فحرض الترك على خوارزم وبلغ الخبر إلى محمد بن أنوشتكين فبعث إلى سنجر بنيسابور يستمده وسبق إلى خوارزم فافترق الترك وطغرل تكين محمد وسار كل منهما إلى ناحية ودخل محمد بن أنوشتكين إلى خوارزم فازداد بذلك عند سنجر ظهورا والله سبحانه وتعالى ولى التوفيق لا رب سواه ثم هلك محمد بن أنوشتكين خوارزم وولى بعده ابنه أتسز وسار بسيرة أبيه وكان قد قاد الجيوش أيام أبيه وحارب الأعداء فلما ولى افتتح أمره بالاستيلاء على مدينة مقشلاع
(٨٩)