انقراض العرب والأرمن ملكوا نواحي الفرات من أوله إلى مصبه في دجلة وهم شعوب متفرقون وأحياء مختلفون لا يحصرهم الضبط ولا يحويهم العدو كان منهم ببلاد الروم جموع مستكثرة كان ملوكها يستكثرون بهم في حروبهم مع أعدائهم وكان كبيرهم فيها لعهد المائة الرابعة جق وكانت أحياؤهم متوافرة وأعدادهم متكاثرة ولما ملك سليمان بن قطلمش قونية بعد أبيه وفتح أنطاكية سنة سبع وسبعين من يد الروم طالبه مسلم بن قريش بما كان له على الروم فيها من الجزية فأنف من ذلك وحدثت بينهما الفتنة وجمع قريش العرب والتركمان مع أميرهم جق وسار إلى حرب سليمان بأنطاكية فلما التقيا مال التركمان إلى سليمان لعصبية الترك وانهزم مسلم بن قريش وقتل وأقام أولئك التركمان ببلاد الروم أيام بنى قطلمش موطنين بالجبال والسواحل ولما ملك التتر ببلاد الروم وأبقوا على بنى قطلمش ملكهم وولوا ركن الدولة قليج أرسلان بعد أن غلب أخوه عز الدين كيكاوس وهرب إلى القسطنطينية وكان أمراء هؤلاء التركمان يومئذ محمد بك وأخاه الياس بك وصهره على بك وقريبه سونج والظاهر أنهم من بنى جق فانتقضوا على ركن الدولة وبعثوا إلى هلاكو بطاعتهم وتقرير الأثر عليهم وأن يبعث إليهم باللواء على العادة وأن يبعث شحنة من التتر يختص بهم فأسعفهم بذلك وقلدهم وهم من يومئذ ملوك بها ثم أرسل هلاكو إلى محمد بك الأمير يستدعيه فامتنع من المسير إليه واعتذر فأوعز هلاكو إلى الشحنة الذي ببلاد الروم وإلى السلطان قليج أرسلان بمحاربته فساروا إليه وحاربوه ونزع عنه صهره على بك ووفد على هلاكو فقدمه مكان محمد صهره ولقى محمد العساكر فانهزم وأبعد في المفر ثم جاء إلى قليج أرسلان مستأمنا فأمنه وسار معه إلى قونية فقتله واستقر صهره على بك أميرا على التركمان وفتحت عساكر التتر نواحي؟؟ إلى اسطنبول والظاهر أن بنى عثمان ملوكهم لهذا العهد من أعقاب على بك أو أقاربه يشهد بذلك اتصال هذه الامارة فيهم مدة هذه المائة سنة ولما اضمحل أمر التتر من بلاد الروم واستقر بنو ارتنا بسيواس وأعمالها غلب هؤلاء التركمان على ما وراء الدروب إلى خليج القسطنطينية ونزل ملكهم مدينة برصا من تلك الناحية وكان يسمى أورخان بن عثمان جق فاتخذها دارا لملكهم ولم يفارق الخيام إلى القصور وانما ينزل بخيامه في بسيطها وضواحيها وولى بعده ابنه مراد بك وتوغل في بلاد النصرانية وراء الخليج وافتتح بلادهم إلى قريب من خليج البنادقة وجبال جنوة وصار أكثرهم ذمة ورعايا وعاث في بلاد الصقالبة بما لم يعهد لمن قبله وأحاط بالقسطنطينية من جميع نواحيها حتى اعتقل ملكها من أعقاب شكري وطلب منه الذمة وأعطاه الجزية ولم يزل على جهاد أمم النصرانية وراءه إلى أن قتله الصقالبة
(٥٦٢)