وسبعين ثم جاءت الاخبار بأنه غلب قمر الدين الخارج عليه ومحا أثر فساده ثم استولى على كرسي صراى وأعمالها ثم خطى إلى اصبهان وعراق العجم والري وفارس وكرمان فملك جميعها من بنى المظفر اليزدي بعد حروب هلك فيها ملوكهم وبادت جموعهم وشد أحمد ببغداد عزائمه وجمع عساكره وأخذ في الاستعداد ثم عدل إلى مصانعته ومهاداته فلم يغن ذلك عنه وما زال تمر يخادعه بالملاطفة والمراسلة إلى أن فتر عزمه وافترقت عساكره فنهض إليه يغذ السير في غفلة منه حتى انتهى إلى دجلة وسبق النذير إلى أحمد فأسرى بغلس ليله وحمل ما أقلته الرواحل من أمواله وذخائره وخرق سفن دجلة ومر بنهر الحلة فقطعه وصبح مشهد على ووافى تمر وعساكره دجلة في حادي عشر شوال سنة خمس وتسعين ولم يجد السفن فاقتحم بعساكره النهر ودخل بغداد واستولى عليها وبعث العساكر في اتباع أحمد فساروا إلى الحلة وقد قطع جسرها فخاضوا النهر عندها وأدركوا أحمد بمشهد على واستولوا على أثقاله ورواحله فكر عليهم في جموعه واستماتوا وقتل الأمير الذي كان في اتباعه ورجع بقية التتر عنهم ونجا أحمد إلى الرحبة من تخوم الشأم فأراح بها وطالع نائبها السلطان بأمره فسرح بعض خواصه لتلقيه بالنفقات والأزواد وليستقدمه فقدم به إلى حلب وأراح بها وطرقه مرض أبطأ به عن مصر وجاءت الاخبار بأن تمر عاث في مخلفه واستصفى ذخائره واستوعب موجود أهل بغداد بالمصادرات لأغنيائهم وفقرائهم حتى مستهم الحاجة وأقفرت جوانب بغداد من العيث ثم قدم أحمد بن أويس على السلطان بمصر في شهر ربيع سنة ست وتسعين مستصرخا به على طلب ملكه والانتقام من عدوه فأجاب السلطان صريخه ونادى في عسكره بالتجهز إلى الشأم وقد كان تمر بعدما استولى على بغداد زحف في عساكره إلى تكريت مأوى المخالفين وعش الحرابة ورصد السابلة وأناخ عليها بجموعه أربعين يوما فحاصرها حتى نزلوا على حكمه وقتل من قتل منهم ثم خربها وأقفرها وانتشرت عساكره في ديار بكر إلى الرها ووقفوا عليها ساعة من نهار فملكوها وانتسفوا نعمها وافترق أهلها وبلغ الخبر إلى السلطان فخيم بالزيدانية أياما أزاح فيها علل عساكره وأفاض العطاء في مماليكه واستوعب الحشد من سائر أصناف الجند واستخلف على القاهرة النائب سودون وارتحل إلى الشأم على التعبية ومعه أحمد بن أويس بعد أن كفاه مهمه وسرب النفقات في تابعه وجنده ودخل دمشق آخر جمادى الأولى وقد كان أوعز إلى جلبان صاحب حلب بالخروج إلى الفرات واستنفار العرب والتركمان للإقامة هناك رصدا للعدو فلما وصل إلى دمشق وفد عليه جلبان وطالعه بمهماته وما عنده من أخبار القوم ورجع لانفاذ أوامره والفصل
(٥٥٥)