للولد صبى أو صبية وعلى أجل أربعين يوما فمن تأخر أداؤه عنها فهو أسير وبذل بليان ابن نيزران عن فقراء أهل ملته ثلاثين ألف دينار وملك صلاح الدين المدينة يوم الجمعة لتسع وعشرين من رجب سنة ثلاث وثمانين ورفعت الاعلام الاسلامية على أسواره وكان يوما مشهودا ورتب على أبواب القدس الامناء لقبض هذا المال ولم يبن الامر فيه على المشاحة فذهب أكثرهم دون شئ وعجز آخر الامر ستة عشر ألف نسمة فأخذوا أسارى وكان فيه على التحقيق ستون ألف مقاتل غير النساء والولدان فان الإفرنج أزروا إليه من كل جانب لما افتتحت عليهم حصونهم وقلاعهم ومن الدليل على مقاربة هذا العدد ان بليان صاحب الرملة أعطى ثلاثين ألف دينار على ثمانية عشر ألفا وعجز منهم ستة عشر ألفا وأخرج جميع الأمراء خلقا لا تحصى في زي المسلمين بعد أن يشارطوهم على بعض القطيعة واستوهب آخرون جموعا منهم يأخذون قطيعتهم فوهبهم إياهم وأطلق بعض نساء الملوك من الروم كانوا مترهبات فأطلقهم بعبيدهم وحشمهم وأموالهم وكذا ملكة القدس التي أسر صلاح الدين زوجها ملك الإفرنج بسببها وكان محبوسا بقلعة نابلس فأطلقها بجميع ما معها ولم يحصل من القطيعة على خراج وخرج البطرك الأعظم بما معه من ماله وأموال البيع ولم يتعرض له وجاءته امرأة البرنس صاحب الكرك الذي قتله يوم حطين تشفع في ولدها وكان أسيرا فبعثها إلى الكرك لتأذن الإفرنج في النزول عنه للمسلمين وكان على رأسه قبة خضراء لها صليب عظيم مذهب وتسلق جماعة من المسلمين إليه واقتلعوه وارتجت الأرض بالتكبير والعويل ولما خلا القدس من العدو أمر صلاح الدين برد مشاعره إلى أوضاعها القديمة وكانوا قد غيروها فأعيدت إلى حالها الأول وأمر بتطهير المسجد والصخرة من الاقذار فطهرا ثم صلى المسلمون الجمعة الأخرى في قبة الصخرة وخطب محيى الدين بن زنكى قاضي دمشق بأمر صلاح الدين وأتى فيه خطبته بعجائب من البلاغة في وصف الحال وعظة الاسلام اقشعرت لها الجلود وتناقلها الرواة وتحدثت بها السمار أحوالا ثم أقام صلاح الدين بالمسجد للصلوات الخمس اماما وخطيبا وأمر بعمل المنبر له فتحدثوا عنده بأن نور الدين محمودا اتخذ له منبرا منذ عشرين سنة وجمع الصناع بحلب فأحسنوا صنعته في عدد سنين فأمر بحمله ونصبه بالمسجد الأقصى ثم أمر بعمارة المسجد واقتلاع الرخام الذي فوق الصخرة لان القسيسين كانوا يبيعون الحجر من الصخرة ينحتونها نحتا ويبيعونها بالذهب وزنا بوزن فتنافس الإفرنج فيها التماس البركة منها ويدعونها في الكنائس فخشى ملوكهم أن تفنى الصخرة فعالوا عليها بفرش الرخام فأمر صلاح الدين بقلعه ثم استكثر في المسجد من المصاحف ورتب فيه القراء ووفر لهم
(٣١٠)