منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٤٣٥
الفقه، وعدم كفاية التجزي في خصوص باب القضاء فضلا عن التقليد فيه - كما ذهب بعض إلى ثبوته له تمسكا بالاطلاقات - والوجه فيه: أن منصب القضاء على ما يظهر من جملة من الاخبار لم يثبت بالأصالة إلا لنبي أو وصي نبي كما في صحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام فلا يشرع لغيرهما إلا بالاذن منهما (عليهما الصلاة والسلام) خصوصا أو عموما كنواب الغيبة، فإن المأذون من قبلهما ينطبق عليه عنوان الوصي ولو عناية كوكيل الوصي، غايته أن عهده في طول عهد الوصي ومن فروعه. وظاهر الصحيحة نفي الولاية العرضية عن غير النبي والوصي صلوات الله عليهما) لا نفى الولاية الطولية الحاصلة بالاذن، والمتيقن ممن أذن له في القضاء هو المجتهد المطلق الجامع للشرائط، ويشك في نفوذ قضاء غيره، و الأصل الأولي وإن اقتضى إباحته لكل مكلف، إلا أن مقتضى الأصل الثانوي المستفاد من النصوص عدم مشروعيته لمن لا أهلية له.
هذا بعض الكلام في قضاء المتجزي، وقد عرفت أن الأقوى عدم ثبوت هذا المنصب لمطلق مراتب التجزي، لإناطته بصدق (الفقيه و العارف بالأحكام) وهو مما يتوقف على استخراج الكثير من أبواب الفقه الشريف، ولذلك لا يثبت للمجتهد المطلق الذي لم يستنبط الجملة المعتد بها.
وأما مسألة تقليد المتجزي وحجية فتواه على غيره فقد عرفت استدلال سيدنا الأستاذ (قده) عليه (بأن منصب القضاء منصب للفتوى ولا عكس) والحكم في الأصل - أعني جواز تصدي المتجزي لمنصب القضاء - وإن لم يكن واضحا عندنا، إلا أنه على فرض تسليمه لم يتضح لنا التلازم بين منصب القضاء والفتوى دون العكس، فان كلا منهما لكونه نيابة عن المعصوم عليه السلام يتوقف على الاذن الخاص أو العام، مع ما بين أحكام البابين من تفاوت.
وعليه يكون الأحوط - لو لم يكن أقوى - اعتبار الاجتهاد المطلق في مرجع التقليد، والله أعلم بحقيقة الحال.