منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٣٣٦
وأورد عليه المحقق العراقي (قده) بما محصله: أن نفس الترتيب بين الأمور المعتبرة في حجية الخبر تقتضي كون المرجحات الجهتية راجعه إلى المرجحات السندية، وذلك لان مفروض الكلام في الخبرين المتعارضين اللذين لا دليل - بعد - على حجية شئ منهما بعد سقوط الأدلة الأولية، بل تتوقف حجية أحدهما تعيينا أو تخييرا على عناية أخرى تتكفلها أخبار العلاج، ومن المعلوم أن الترجيح بمخالفة العامة ونحوه من مرجحات الجهة يتوقف على إحراز موضوعه الذي هو كلام الإمام عليه السلام، فإن المحمول على التقية كلامه عليه السلام المحرز صدوره منه، لا كلام غيره، والمفروض في باب التعارض عدم إحراز هذا الموضوع لا وجدانا ولا تعبدا حتى يرجح الخبر المخالف للعامة على الخبر الموافق.
أما عدم إحراز كلام المعصوم وجدانا فواضح، وأما عدم إحرازه تعبدا فلسقوط المتعارضين عن الحجية الفعلية، وعدم شمول عموم دليل السند - فعلا - لواحد منهما ولا مرجح لسند أحدهما على الاخر حتى يتعبد بصدور المخالف منه عليه السلام.
وبعبارة أخرى: جعل الترجيح بمخالفة العامة في طول المرجح السندي موقوف على إحراز صدور الخبر من الإمام عليه السلام - ولو تعبدا - حتى يرجح الخبر المخالف للعامة على الموافق لهم، وإحراز هذا الامر ممتنع في المتعارضين الظنيين، لان أدلة اعتبار السند إما هي الأدلة الأولية على حجية خبر الواحد، وإما الأدلة الثانوية وهي أخبار العلاج.
وشئ منهما غير جار في المقام، أما الأدلة الأولية فلامتناع شمولها للمتعارضين كما مر مرارا.
وأما الأدلة الثانوية فلفرض عدم مرجح سندي يقتضي التعبد الفعلي بصدور المخالف حتى يسند مضمونه إلى الامام، ويحكم بترجيحه على الموافق من جهة مرجحية المخالفة للعامة على الموافقة لهم.
فإن قلت: إن عمومات أدلة اعتبار خبر الواحد شاملة لكل واحد من الخبرين المتعارضين مع قطع النظر عن معارضه، فتكون الحجية الاقتضائية موضوعا للترجيح بالجهة في الخبر المخالف للعامة.
قلت: لا تجدي هذه الحجية الشأنية للتعبد الفعلي بالمرجح الجهتي، فإن موضوعه هو كلام الإمام عليه السلام، ولا يحرز هذا الموضوع بحجية الخبرين اقتضاء، حتى يترتب عليه أثره الذي هو التعبد