منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٨٦
لآرائهم، وذلك عند مخالفة آرائهم لرواياتهم.
ويرتفع الاشكال بأن أخبار العلاج ناظرة إلى طرح الخبر الموافق للقوم من جهة عدم جريان أصالة الجد فيه، فالمناط هو ملاحظة ما يتقى ويخاف من مخالفته سواء أكان رأيا أم رواية، وإن كان شيوع فتاوى أبي حنيفة وغيره في عصر الإمام الصادق عليه السلام و من بعده من الأئمة عليهم السلام يستفاد منه موضوعية مخالفة آرائهم لا رواياتهم.
وأما مصحح عبد الرحمن المتكفل للاخذ بما خالف أخبارهم فالظاهر أن المقصود منه التنبيه على طرح الاخبار التي يروونها عن النبي صلى الله عليه وآله، لكونها موضوعة مجعولة كما يستفاد من مرفوعة أبي إسحاق الأرجاني، قال: (قال أبو عبد الله عليه السلام: أ تدري لم أمرتم بالأخذ بخلاف ما تقول العامة؟ فقلت: لا أدري، فقال: إن عليا عليه السلام لم يكن يدين الله بدين إلا خالف عليه الأمة إلى غيره إرادة لابطال أمره، وكانوا يسألون أمير المؤمنين عليه السلام عن الشئ الذي لا يعلمونه، فإذا أفتاهم جعلوا له ضدا من عندهم ليلتبسوا على الناس).
وعليه فالامر بطرح ما وافق من أخبارنا أخبارهم والاخذ بخلافه يكون للتنبيه على أن أخبارهم غالبا غير صادرة عن النبي صلى الله عليه وآله، بل هي مجعولة وضعها مرتزقة الحديث إبطالا لما تقوله العترة الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين).
والحاصل: أن اللازم في مقام ترجيح أحد الخبرين المتعارضين على الاخر عرضهما على أخبار العامة وآراء فقهائهم، فإن كانت آراؤهم مطابقة لأخبارهم أخذ بالخبر المخالف. وإن كانت مخالفة لها فالظاهر لزوم مراعاة زمان صدور الرواية، وأن الرائج فيه هو عملهم بالخبر الذي يروونه أم برأيهم الفاسد المستند إلى القياس و الاستحسان ونحوهما، فإن كان المعمول به هو الخبر كان مناط الترجيح عرض المتعارضين على أخبارهم، وإن كان هو الرأي كان الترجيح بما يخالف آراءهم.
وكيف كان فتقديم أحد الخبرين المتعارضين بمخالفة العامة يحتاج إلى تفحص تام في آراء علمائهم ورواياتهم، لان أعصار أئمة الجور مختلفة من حيث ترويج مذهب من مذاهبهم دون آخر، و كذلك أحكام قضاتهم مختلفة باختلاف علماء كل عصر من أعصارهم، و الأئمة الطاهرون (عليهم السلام) كانوا معهم في أدوار متفاوتة، فربما كان الحكم مشهورا في عصر دون آخر، فحمل أحد الخبرين المتعارضين على التقيةيتوقف على ملاحظة الرأي السائد المتداول في عصر الامام المعصوم عليه السلام الذي صدر منه الحكم الشرعي، فلو كان رأي أبي ليلى مثلا رائجا في عصر