منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٩٠
الحي ظاهر في أن الحكم الفعلي أيا ما كان هو الثاني إلى أن ينكشف حاله، لا أن وظيفة عامة المكلفين ذلك ولو في غير زمان الحضور الذي يتفاوت حال الأئمة عليهم السلام وشيعتهم من حيث الاتقاء من الأعداء) ومحصله: أن المقصود من السعة هو التقية، فهو عليه السلام يلاحظ التوسعة عند بيان فتوى مخالفة لفتوى سابقة كي لا يقع الشيعة في الضيق، وهذا حكم التقية، ولا ربط له بباب الخبرين المتعارضين. وحيث إنه لا تقية في مثل زماننا فلا معنى للترجيح بالأحدث، ولا تكون الرواية معارضة لما دل على الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة.
لكن يشكل اختصاص لزوم الاخذ بالأحدث بزمان الحضور، لاباء أخبار الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة عن التخصيص، لأنها علاج لحكم الخبرين المتعارضين، وكان السؤال لأجل التحير و العمل، فكيف يقيد الترجيح بهما بالأخذ بالأحدث في عصر الحضور؟
فالأولى في رد خبر معلى ما تقدم من إعراض الأصحاب عن العمل به بناء على دلالته على أصل الترجيح بالأحدثية.
وأما الخبر الثاني: - وهو موثق محمد بن مسلم فجوابه: أن في قوله عليه السلام: (ان الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن) احتمالين، الأول:
أن يكون المراد من النسخ معناه الاصطلاحي، وهو بيان أمد الحكم، لا ارتفاع الحكم المستمر. الثاني: أن يكون المراد منه معناه اللغوي - وهو الإزالة مثل نسخت الشمس الظل - فيشمل موارد الجمع العرفي كالتخصيص والتقييد كما أطلق عليهما في بعض الاخبار، فالمقصود بالنسخ تخصيص العموم المروي عن النبي صلى الله عليه وآله بالمخصص المروي عن الإمام عليه السلام أو تقييده به.
فعلى الثاني يخرج النسخ الوارد في الموثق عن محل الكلام من لزوم الاخذ بالمتأخر من الخبرين المتعارضين، إذ لا تعارض بين العام و خاصه وغيرهما من موارد الجمع العرفي حتى يتعين العمل بالأحدث.
وعلى الأول فلا يبعد الحمل على التقية كما احتمله العلامة المجلسي بقوله: (ويحتمل أن يكون ذلك للتقية من المخالفين في نسبة الصحابة إلى النفاق والكذب والوهم، فإنهم يتحاشون عنها).
وعليه فلا مجال للاستدلال به على لزوم العمل بأحدث الخبرين، لأنه فرع صدورهما، والمفروض عدم إحرازه بنقل فلان وفلان حتى يكون منسوخا بما ورد من الامام المتأخر عصره عنه صلى الله عليه و آله وسلم.
وأما الجواب عنه (بأن الموثق أجنبي عن النسخ بالمعنى المصطلح، فإنه - على تقدير إمكانه بعد