منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٥٨
قال: عمن رواه، وهذا مجهول يجب إطراحه، وفي الرواية الثانية قال:
عن عبد الله بن سنان أو غيره، فأورده وهو شاك فيه، وما يجري هذا المجرى لا يجب العمل به، ولو صح الخبر على ما فيه لكان محمولا. إلخ).
إلى أن قال: (ومنها ما في الفهرست في ترجمة يونس بن عبد الرحمن - بعد ذكر الطرق إلى كتبه - وقال محمد بن علي بن الحسين:
سمعت محمد بن الحسن بن الوليد رحمه الله يقول: كتب يونس بن عبد الرحمن - التي هي بالروايات - كلها صحيحة معتمد عليها، إلا ما ينفرد به محمد بن عيسى بن عبيد، ولم يروه غيره. إلى ذلك من الموارد الصريحة في أن المناط في الصحة عندهم - أي القدماء - حالات نفس السند من غير ملاحظة اقترانه بأمر خارجي. ويوضحه ويدل عليه: أن الشيخ ذكر الحجة من الخبر الواحد في كتاب العدة في مواضع، وليس فيه ذكر للخبر الضعيف المنجبر ضعفه بالقرائن الخارجية، فلو كان الضعيف المقترن بها داخلا في صحيحهم لكان حجة، ومعه كان عليه أن يذكره، مع أنه أهمله.) هذا بعض ما استشهد به المحدث النوري من عبائرهم لاثبات مدعاه، فراجع المستدرك للوقوف على كلمات أخرى استفاد منها عدم إطلاق الصحيح عند القدماء على خبر غير الثقة.
وبما أفاده (قده) يتضح أن تعبير الشيخ في العدة (ممن عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة) وإن كان مغايرا بحسب ظهوره البدوي لاجماع الكشي على تصحيح روايات أصحاب الاجماع، إلا أن مفاديهما واحد في الحقيقة، إذ أعمية الصحيح القدمائي من الصحيح عند المتأخرين إنما تكون لاندراج الخبر الموثق - باصطلاح المتأخرين - فيه.
وعليه فالحجة عند الجميع واحد وهو الخبر الذي رواه الثقة عن مثله سواء كانوا إماميين أم من سائر الفرق مع تحرزهم عن الكذب في النقل.
وقد تحصل مما ذكرناه في المبحث الثاني: أن عبارة الكشي ظاهرة بدوا في الاحتمال الأول أو الرابع، أي لا بد من الحكم بصحة روايات هذه العدة إما تعبدا من جهة إجماع العصابة، وإما لكشفه عن أنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة، فيكون كلام الكشي والشيخ توثيقا عاما لجميع الرجال المجهولين الذين روى عنهم بعض أصحاب الاجماع، ولو تم هذا سلمت طائفة من الاخبار من الوهن في أسنادها.