منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٥٤
ومقتضى ذلك صحة الأصل المذكور، لكونه مما قد صح عنه، بل توثيق رواية أيضا، لكونه العلة في التصحيح غالبا، والاستناد إلى القرائن وإن كان ممكنا، إلا أنه بعيد في جميع روايات الأصل).
وكالمحدث النوري، حيث قال بعد تتبع في الأقوال: (فتحصل من جميع ما ذكرناه: قوة القول بدلالة الاجماع المذكور على وثاقة الجماعة ومن بعدهم إلى المعصوم، مطابقة بناء على ما حققنا في المقام الأول، أو التزاما على مسلك المشهور).
وهذه الاستفادة في محلها - على تقدير تمامية الاجماع - خصوصا بقرينة كلمة التصحيح قبل قول الكشي: (ما يصح عنه) إذ المراد به وثاقة رواة الأحاديث فيما بيننا وبين أصحاب الاجماع، فيقتضي السياق عدم التفكيك في معنى الصحة بين ما قبل الموصول وما بعده.
وعليه فما عن فوائد الوحيد (قده) (من نسبة هذا المعنى الرابع إلى توهم بعض) لم يظهر له وجه.
أما المعنى الأول فهو قريب جدا، لظهور كلام الكشي فيه، فعلى تقدير تمامية أصل الاجماع يتعين المصير إلى التعبد باعتبار روايات هذه الجماعة كما أفاده المحقق الداماد وغيره.
وأما المعنى الثاني فيرده ما أفيد من: أنه لو كان مرادهم ذلك لكان التعبير بالتصديق كافيا في إفادة وثاقة الجماعة في نقلهم وأمانتهم في إخبارهم، ولم تكن حاجة إلى قول الكشي: (على تصحيح ما يصح عنهم) لان التصحيح ظاهر في اتصاف المتن بالصحة، لأنه المتصف بها وبالضعف والحسن وغيرها من الأوصاف الطارئة على الخبر باعتبار حالات رجال السند.
وأما المعنى الثالث فيرده أيضا ما عن المحقق الشيخ محمد - وهو سبط الشهيد كما قيل - في شرح الاستبصار من قوله: (أن كون الرجل ثقة أمر مشترك، فلا وجه لاختصاص الاجماع بهؤلاء المذكورين، و حينئذ لا بد من بيان الوجه).
وناقش فيه المحدث النوري بما محصله: أن مراد القائل إن كان بيان معنى العبارة بحيث سيقت العبارة لحكايته، فيبعد أن يراد بها أن الجماعة ثقات، لوضوح المغايرة بين (الثقات) وبين مدلول قولهم:
(أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن جماعة) وإن كان دالا على الوثاقة بالتزام، لان التصحيح من لوازم الوثوق، لكن التعبير عن الوثاقة بهذه الجملة أشبه شئ بالاكل من القفا، مع كون لفظ (الثقة) من الألفاظ الشائعة الواضحة المعاني.