أما الأولى، فإنما المراد مما دل على اختصاص فهم القرآن ومعرفته بأهله اختصاص فهمه بتمامه بمتشابهاته ومحكماته، بداهة أن فيه ما لا يختص به، كمالا يخفى.
وردع أبي حنيفة وقتادة عن الفتوى به إنما هو لاجل الاستقلال في الفتوى بالرجوع إليه من دون مراجعة أهله، لا عن الاستدلال بظاهره مطلقا ولو مع الرجوع إلى رواياتهم والفحص عما ينافيه، والفتوى به مع اليأس عن الظفر به، كيف؟ وقد وقع في غير واحد من الروايات الارجاع إلى الكتاب والاستدلال بغير واحد من آياته.
وأما الثانية، فلان احتواءه على المضامين العالية الغامضة لا يمنع عن فهم ظواهره المتضمنة للاحكام وحجيتها، كما هو محل الكلام.
وأما الثالثة، فللمنع عن كون الظاهر من المتشابه، فإن الظاهر كون المتشابه هو خصوص المجمل، وليس بمتشابه ومجمل.
____________________
طريقة أخرى في مقام الإفادة لمرامه من كلامه، ولو كانت له طريقة خاصة في ذلك كان عليه اعلامنا بذلك، فإنه من أهم المقاصد وأعظم المطالب، فان طريق ايصال الأحكام الواقعية الينا منحصر في الكلام مع قلة نصوصيته في افهام المرام، ولم يصل الينا ما يدل على غير ما ذكرنا، سوى ما يتوهمه الأخباريون من بعض الأخبار الواردة في مقام النهي عن الاتكال بكتاب الله، وسنبين انشاء الله عدم دلالة لها في ذلك، هذا بناء على ما ذهب إليه المحققون، ولكنه يظهر من بعض كصاحب " القوانين " الخلاف في ذلك، فإنه قد ذهب إلى عدم حجية الظهور مطلقا، من غير فرق بين الاخبار وكتاب الله، الا من باب الظن المطلق