فإنه يقال: الامر وإن كان كذلك، إلا أن العرف حيث يرى الايجاب والاستحباب المتبادلين فردين متباينين، لا واحد مختلف الوصف في زمانين، لم يكن مجال للاستصحاب، لما مرت الإشارة إليه وتأتي، من أن إطلاق أخبار الباب، أن العبرة فيه بما يكون رفع اليد عنه مع الشك بنظر العرف نقضا، وإن لم يكن بنقض بحسب الدقة، ولذا لو انعكس الامر ولم يكن نقض عرفا، لم يكن الاستصحاب جاريا وإن كان هناك نقض عقلا.
ومما ذكرنا في المقام، يظهر - أيضا - حال الاستصحاب في متعلقات الاحكام في الشبهات الحكمية والموضوعية، فلا تغفل.
____________________
قوله: لا يقال: الامر وان كان كما ذكر الا انه حيث كان التفاوت بين الايجاب والاستحباب.. الخ اعلم أن التحقيق هو ان التفاوت بين الايجاب والاستحباب وكذا الحرمة انما هو بشدة الطلب والزجر وضعفهما عقلا وعرفا، وتوهم كون التفاوت بينهما عند العرف بالتباين انما هو بنظره المسامحي لا الدقي، ولعل منشأ نظرهم المسامحي هو عد الأحكام الخمسة في لسان الفقهاء بنحو المقابلة، والا فليس التفاوت بينهما الا بالشدة والضعف فافهم.