وبالجملة: ما دامت فيه صفة كامنة لا يستحق بها إلا مدحا أو لوما، وإنما يستحق الجزاء بالمثوبة أو العقوبة مضافا إلى أحدهما، إذا صار بصدد الجري على طبقها والعمل على وفقها وجزم وعزم، وذلك لعدم صحة مؤاخذته بمجرد سوء سريرته من دون ذلك، وحسنها معه، كما يشهد به مراجعة الوجدان الحاكم بالاستقلال في مثل باب الإطاعة والعصيان، وما يستتبعان من استحقاق النيران أو الجنان.
ولكن ذلك مع بقاء الفعل المتجري [به] أو المنقاد به على ما هو عليه من الحسن
____________________
والثواب انما هو صدق الإطاعة والعصيان، وهو موجود في المقام لشهادة الوجدان بصحة مؤاخذة من كان بصدد هتك حرمة مولاه وخروجه عن رسم عبوديته، وأن الاستحقاق انما يكون مترتبا على عزمه على العصيان كما أشار إليه بقوله: " انه يوجب بشهادة الوجدان "، لا انه مترتب على سوء سريرته كما ذهب إليه شيخنا الأنصاري، فإنه لا يكاد يوجب الاستحقاق، وذلك لان الصفة الكائنة في النفس ما لم تبلغ في مرتبة الظهور ولم يصدر على طبقها فعل في عالم الشهود خارجة عن الاختيار، ومع كونها كذلك لا يوجب شيئا كما لا يخفى سوى المدح أو الذم مع امكان منع ذلك أيضا كما أشار إليه بقوله: " وان قلنا بأنه لا يستحق مؤاخذة أو مثوبة ما لم يعزم على المخالفة أو الموافقة بمجرد سوء سريرته... الخ، كما أن الاستحقاق لا يترتب على الفعل المتجرى به كما توهمه بعض بزعم ان القطع بالحرمة انما يحدث في الفعل المتجري به جهة قبح وإن لم يكن بحسب الواقع قبيحا أصلا، كما أن القطع بالوجوب يحدث جهة حسن فيه وهاتان الجهتان تستتبعان الوجوب الشرعي والحرمة الشرعية وعليه يتصف الفعل المتجرى به