أقول: ظاهر هذه الأخبار طرح الست المستحبة الافتتاحية، ولعل طرحها في صحيحة زرارة محمول على الاكتفاء بتلك التكبيرات التي يقدمها وفي هذين الخبرين باعتبار تأكد هذه التكبيرات زيادة عليها فإنها من أصل الصلاة قبل تلك الست التي تجددت لتلك العلل المذكورة. والله العالم.
الفصل الثالث في القيام وفيه مسائل: (الأولى) - قد صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) بأن القيام ركن في الصلاة متى أخل به مع القدرة عمدا أو سهوا بطلت صلاته، قال في المعتبر وعليه أجماع العلماء.
وفي تعيين الموضع الركني منه أقوال: فنقل عن العلامة الحكم بركنيته كيف اتفق وفي المواضع التي لا تبطل بزيادته يكون مستثنى بالنص كغيره. وقيل إن الركن منه ما اتصل بالركوع. ولم نقف لهما على دليل. وقيل إنه تابع لما وقع فيه ومنقسم بانقسامه في الركنية والوجوب والاستحباب.
وهذا القول الأخير نقل عن شيخنا الشهيد (قدس سره) قال إن القيام بالنسبة إلى الصلاة على أنحاء: فالقيام في النية شرط كالنية، والقيام في التكبير تابع له في الركنية والقيام في القراءة واجب غير ركن، والقيام المتصل بالركوع ركن فلو ركع جالسا بطلت صلاته وإن كان ناسيا، والقيام من الركوع واجب غير ركن إذ لو هوى من غير رفع وسجد ناسيا لم تبطل صلاته، والقيام في القنوت تابع له في الاستحباب.
واستشكل ذلك المحقق الشيخ علي بأن قيام القنوت متصل بقيام القراءة فهو في الحقيقة كله قيام واحد فكيف يتصف بعضه بالوجوب وبعضه بالاستحباب؟
ورد بأن مجرد اتصاله به مع وجود خواص الندب فيه لا يدل على الوجوب والحال أنه ممتد يقبل الانقسام إلى الواجب والندب.