الاتيان بالفرد المخير بإحدى الروايات الدالة على الترتيب كان يختار مثلا صحيحة زرارة الدالة على التسبيحات الأربع أو الصحيحة الدالة على التسع أو نحو ذلك من الأقوال المتقدمة، ولا ريب أنه الأحوط على تقدير هذا القول.
(الثانية) - المشهور بين الأصحاب وجوب الاخفات في تسبيح الأخيرتين بل ربما ادعى عليه الاجماع، واحتج عليه جملة من الأصحاب: منهم - الشهيد في الذكرى بالتسوية بينه وبين المبدل، ثم قال ونفاه ابن إدريس للأصل وعدم النص قلنا عموم الاخفات في الفريضة كالنص مع اعتضاده بالاحتياط. انتهى.
وقال في المدارك: وذكر جمع من الأصحاب أنه يجب الاخفات في هذا الذكر تسوية بينه وبين المبدل ونفاه ابن إدريس للأصل وفقد النص. وأجاب عنه في الذكرى بأن عموم الاخفات في الفريضة كالنص. وهو غير واضح وإن كان الاحتياط يقتضي المصير إلى ما ذكره. انتهى.
أقول أما ما ادعوه - من وجوب كون التسبيح بدلا عن القراءة وهي إخفاتية فيجب الاخفات في البدل أيضا - فممنوع (أولا) بأن المستفاد من الأخبار كما عرفت هو العكس وهو أصالة التسبيح في الأخيرتين وأن القراءة فرع عليه ورخصة لا العكس كما ذكروه وإن كان ظاهر كلامهم الاتفاق عليه كما تقدمت الإشارة إليه إلا أن اتفاق الأخبار الصحيحة على خلافه. و (ثانيا) أنه مع تسليم البدلية فوجوب التساوي بينه وبين المبدل منه في جميع الأحكام ممنوع.
وأما ما ادعاه - من أن عموم الاخفات في الفريضة كالنص - ففيه أن المتبادر الظاهر من الأخبار الدلالة على الاخفات إنما هو بالنسبة إلى القراءة لا ما يشمل التسبيح بل القراءة في الأوليين أيضا لا الأخيرتين. وانقسام الفريضة إلى جهرية واخفاتية إنما هو بالنظر إلى القراءة في الأوليين كما تقدم تحقيقه في أخبار القراءة.