القنوت المأمور به في الآية إنما وقع في الوسطى وهي الجمعة، وهذا القائل إنما استند إلى هذا النص الصحيح الصريح، فمقابلته بالاستبعاد إما غفلة أو مقابلة للنص بالاجتهاد وهو خروج عن منهج السداد والرشاد.
و (أما ثالثا) فإن قوله: " مع عدم القائل بالفصل " أيضا لا يخلو من تعجب لما علم منه في جميع مصنفاته أنه إذا مر به دعوى الاجماع أطال في نقضه ورده والتشنيع على مدعيه وأبطله ومزقه فكيف يجنح إليه هنا ويتمسك به؟ ولكن ضيق الخناق في المقام أوجب له الوقوع في هذه المشاق.
وأما ما نقل عن ظاهر ابن أبي عقيل من القول بالوجوب في الصلاة الجهرية فلعل مستنده الخبر الأول من الأخبار المتقدمة والخبر الثامن والتاسع، والجميع كما عرفت محمول على مزيد التأكيد في هذه الفرائض زيادة على ما يخافت فيه مع احتمال الحمل على التقية كما يشير إليه الخبر الثاني، وفيه ما يشعر بالطعن على الشيعة في زمانه (عليه السلام) والشكاية منهم في أنهم يذيعون أسراره كما تقدم نظيره في أخبار الأوقات.
وبما حققناه في المقام يظهر لك قوة القول المشهور وأنه المؤيد المنصور. على أن نسبة القول بالوجوب إلى الصدوق (قدس سره) بمجرد العبارة المتقدمة لا يخلو من اشكال لامكان حمله على تأكيد الاستحباب كما حملت عليه الرواية الواردة بذلك، لأن عادة المتقدمين غالبا التعبير بمتون الأخبار وإن كان المراد منها خلاف ظواهرها فبعين ما يقال في الأخبار من التأويل يجري في كلامهم أيضا، ولهذا أن بعض أصحابنا ذكر أن القائل بالوجوب غير معلوم كما ذكره المحقق الأردبيلي وقبله المحقق فخر الملة والدين الشيخ أحمد ابن متوج البحراني في كتاب آيات الأحكام. والله العالم.
(المسألة الثانية) - المشهور بين الأصحاب أن محله بعد القراءة وقبل الركوع بل ادعى عليه في المنتهى الاجماع حيث قال: ومحل القنوت قبل الركوع وعليه علماؤنا.
وظاهر المحقق في المعتبر الميل إلى التخيير بين فعله قبل الركوع وبعده وإن كان