أن هذا المعنى إن لم يكن هو الأقرب والأظهر من هذا الخبر فلا أقل أن يكون مساويا لما ذكروه في الاحتمال وبه يتم الاستدلال على حال كما لا يخفى على من عرف الرجال بالحق لا الحق بالرجال.
وأما ما ذكره الصدوق - من أنه بمجرد عدم ورود النهي عن الدعاء بالفارسية يكون ذلك مجوزا للدعاء بها - ففيه أن العبادة توقيفية يجب الوقوف فيها على ما رسمه صاحب الشريعة وعلم منه بقول أو فعل أو تقرير وشئ من الثلاثة لم يعلم منه هنا. ولو تم ما ذكره للزم أيضا جواز الذكر في الركوع والسجود بالفارسية بناء على الاكتفاء بمطلق الذكر ولا أظن هذا القائل يلتزمه، وقد صرح شيخنا الشهيد في الذكرى بذلك فقال وأما الأذكار الواجبة فلا يجوز مع الاختيار.
وأما حديث " كل شئ مطلق.. " (1) فالأخباريون قاطبة وجملة من المجتهدين على تأويله واخراجه عن ظاهره لدلالته على جواز العمل بالبراءة الأصلية في الأحكام الشرعية والتثنية فيها مع استفاضة الأخبار بالتثليث (2): " حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك " ودلالة جملة من الأخبار على رد البراءة الأصلية كما تقدم في مقدمات الكتاب وبسطنا القول عليه زيادة على ذلك في كتابنا الدرر النجفية. والله العالم.
(المسألة الخامسة) - اختلف الأصحاب في القنوت في الجمعة فالمشهور أن فيها قنوتين: أحدهما - في الركعة الأولى قبل الركوع، وثانيهما - في الركعة الثانية بعد الركوع.
قال الصدوق (قدس سره) في المقنع: على الإمام قنوت في الركعة الأولى قبل الركوع وقنوت في الثانية بعد الركوع.