قال الشيخ العلامة شمس الدين محمد بن محمد الجزري الشافعي المقرئ في كتاب النشر للقراءات العشر (1) على ما نقله بعض مشايخنا المعاصرين: كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا وصح سندها فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها ولا يحل انكارها بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها سواء كانت عن الأئمة السبعة أم العشرة أم غيرهم من الأئمة المقبولين، ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت عن السبعة أم عن من هو أكبر منهم، هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف صرح بذلك الإمام الحافظ أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني ونص عليه في غير موضع الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب وكذلك الإمام أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي وحققه الإمام الحافظ أبو القاسم عبد الرحمان بن إسماعيل المعروف بأبي شامة وهو مذهب السلف الذي لا يعرف عن أحد منهم خلافه، قال أبو شامة في كتابه (المرشد الوجيز): فلا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى واحد من هؤلاء الأئمة السبعة ويطلق عليها لفظ الصحة وأنها هكذا أنزلت إلا إذا دخلت في ذلك الضابط، وحينئذ لا ينفرد بنقلها مصنف دون غيره ولا يختص ذلك بنقلها عنهم بل إن نقلت عن غيرهم من القراء فذلك لا يخرجها عن الصحة فإن الاعتماد على استجماع تلك الأوصاف لا على من تنسب إليه فإن القراءات المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم وكثرة الصحيح المجتمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم فوق ما ينقل عن غيرهم. انتهى وهو - كما ترى - صريح في أن المعيار في الصحة إنما هو على ما ذكروه من الضابط لا على مجرد وروده عن السبعة فضلا عن العشرة وأن العمل على هذا الضابط المذكور
(١٠١)