سورة الجحد فلم يدل على جواز العدول عنها دليل، فبقي عموم الأخبار الدالة على عدم جواز العدول عنها على حاله لا مخصص له والتخصيص إنما وقع في الأخبار المتعلقة بالتوحيد، والأصحاب قد شركوا بين السورتين في جواز العدول عنهما إلى سورتي الجمعة والمنافقين والدليل كما ترى لا ينهض بذلك.
واستند بعضهم في الجواب عن هذا الاشكال إلى التمسك بالاجماع المركب وهو إن كان من أجاز العدول من التوحيد إجازة من الجحد. وبعض استند إلى طريق الأولوية. وضعف الجميع عني عن البيان.
نعم ربما يستفاد ذلك من الرواية السابعة وقوله فيها " وإن أخذت في غيرها وإن كان قل هو الله أحد فاقطعها من أولها وارجع إليها " وجه الدلالة دخول سورة الجحد في ذلك الغير المأمور بقطعه. إلا أنه لا يخلو من شئ فإن تقييد اطلاق تلك الأخبار باطلاق هذا الخبر ليس أولى من تقييد اطلاق هذا الخبر باطلاق تلك الأخبار، وبالجملة فههنا اطلاقان تعارضا وتقييد أحدهما بالآخر لازم لكن لا بد لتعيين أحدهما من ترجيح.
وبذلك يظهر أن الأظهر عدم جواز العدول عن سورة الجحد مطلقا لا إلى هاتين السورتين ولا إلى غيرهما، ويؤيده أنه الأوفق بالاحتياط.
(الثاني) - أنه قد صرح جملة من الأصحاب - بل الظاهر أنه المشهور - بجواز العدول عن سورتي التوحيد والجحد هنا إلى سورتي الجمعة والمنافقين باشتراط عدم بلوغ النصف أو تجاوزه كما تقدم من القولين السابقين، وكثير من عباراتهم مجمل لا تقييد فيه بذلك والأخبار كما عرفت عارية عن هذا التقييد.
واستدل شيخنا الشهيد الثاني ومثله المحقق الشيخ علي على ذلك بالجمع بين الرواية التاسعة الدالة على أن من صلى الجمعة وقرأ بقل هو الله أحد فإنه يتمها ركعتين ثم يستأنف وبين الروايات المتقدمة الدالة على العدول، قال في الروض: وإنما اعتبروا فيهما عدم بلوغ