فأقول وبالله سبحانه التوفيق لبلوغ المأمول: من الأخبار المذكورة التي استدل بها على الاستحباب ما رواه الشيخ عن علي بن رئاب في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) قال: " سمعته يقول إن فاتحة الكتاب تجوز وحدها في الفريضة ".
وفي الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) قال: " إن فاتحة الكتاب وحدها تجزئ في الفريضة ".
أقول: وهاتان الروايتان من أقوى أدلة القول بالاستحباب وعليهما اعتمد في المدارك لصحتهما وصراحتهما بزعمه، قال والتعريف في الفريضة ليس للعهد لعدم تقدم معهود ولا للحقيقة لاستحالة إرادته ولا للعهد الذهني لانتفاء فائدته فيكون للاستغراق. انتهى والشيخ قد حمل هذين الخبرين في التهذيبين على حال الضرورة دون الاختيار وهو أقرب قريب في المقام لما رواه في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (3) قال: " لا بأس بأن يقرأ الرجل في الفريضة بفاتحة الكتاب في الركعتين الأوليين إذا ما أعجلت به حاجة أو تخوف شيئا " وبمضمونها أخبار أخر، وقضية اطلاق الخبرين الأولين وتقييد هذه الأخبار حمل الخبرين الأولين على هذه الأخبار كما هو القاعدة.
وبما ذكرنا هنا صرح العلامة في المنتهى حيث نقل عن الشيخ الاحتجاج على الاستحباب بصحيحة الحلبي المذكورة في كلام السيد السند وأجاب عنها بالحمل على حال الضرورة والاستعجال وأورد الأخبار الدالة على جواز الاقتصار على الحمد في الحالين المذكورين.
ومع الاغماض عن ذلك فاحتمال التقية فيهما مما لا ريب فيه ولا مرية تعتريه، ومن ذلك يظهر لك ضعف الاستدلال بالخبرين المذكورين لقيام ما ذكرنا من الاحتمالين في البين ومنها - صحيحة سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) (4)