ونقل بعض مشايخنا المحققين المتأخرين عن شيخنا الشهيد في الذكرى أنه اختار هنا وجوب الزائد مع أنه اختار في المسح الزائد على المسمى الاستحباب التفاتا إلى جواز تركه. قال وهو عجيب.
ونقل عنه ذلك في الروض تفصيلا واستحسنه، قال واستقرب شيخنا الشهيد في الذكرى استحباب الزائد عن أقل الواجب محتجا بجواز تركه، قال هذا إذا أوقعه دفعة واحدة ولو أوقعه تدريجا فالزائد مستحب قطعا. وهذا التفصيل حسن لأنه مع التدريج يتأدى الوجوب بمسح جزء فيحتاج ايجاب الباقي إلى دليل والأصل يقتضي عدم الوجوب بخلاف ما لو مسحه دفعة واحدة إذ لم يتحقق فعل الواجب إلا بالجميع. انتهى.
وقيل عليه إن ذلك مناف لما صرح به (قدس سره) في هذا المقام من وجوب الزائد من التسبيحات كما نص عليه في الروض ونسبه في الروضة إلى ظاهر النص والفتوى إذ التدريج هنا ضروري فينبغي القطع باستحباب الثانية والثالثة من التسبيحات.
ونقل عن شيخنا البهائي (قدس سره) أنه فرق بين المسح والتسبيح بأنه يجوز في التسبيح قصد استحباب الزائد على الواحدة بخلاف المسح فإنه يجب قصد وجوب الزائد مطلقا حذرا من لزوم تكرار المسح. وهو تحكم وتعليله عليل.
والذي يظهر لي أن ما ذكره الشهيدان (رفع الله مقامهما) من التفصيل المذكور صحيح لا غبار عليه، والايراد عليهما بمسألة التسبيح لا يصغى إليه ولا يلتفت إليه لظهور الفرق بين المقامين، لا كما نقل عن شيخنا البهائي بل من حيث إن وجه التخيير بالنسبة إلى المسح غيره بالنسبة إلى التسبيح، فإن القول بالتخيير في التسبيح إنما أدى إليه ضرورة الجمع بين الأخبار المختلفة في بيان كيفيته كما أشار إليه كلام الروض في ما تقدم في جواب السؤال الأول، والقول به في المسح إنما نشأ من اطلاق الأمر الصادق بمجرد المسمى ولو بجزء من إصبع وبالمسح بمجموع الثلاث الأصابع وما بينهما من الأفراد، وأفراد الكلي في الأول هي مجموع كل واحدة من الصور التي وردت بها النصوص وفي