المسألة بل لغرض من الأغراض وإنما الحكم الشرعي هذا الذي أسره في هذا المقام.
وبالجملة فإن هذا الخبر بما اشتمل عليه من هذا التفصيل حاكم على القولين المذكورين ومسقط لرواياتهما من البين، وبذلك يظهر قوة القول المشهور وأنه المؤيد المنصور.
وليت شعري كيف خفيت على الصدوق أخباره هذه المسألة على تعددها وكثرتها ولم تصل إليه؟ ولعله لهذا لم ينقل شيئا منها في كتابه، ويؤيده نسبة رواية القنوتين إلى تفرد حريز بها عن زرارة مع أنها كما عرفت موجودة في روايتي أبي بصير وسماعة، وفي المثل المشهور الدائر: كم ترك الأول للآخر.
قال المحقق في المعتبر: والذي يظهر أن الإمام يقنت قنوتين إذا صلى جمعة ركعتين ومن عداه يقنت مرة جامعا كان أو منفردا، ويدل على ذلك رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) قال: " كل القنوت قبل الركوع إلا الجمعة فإن القنوت في الأولى قبل الركوع وفي الأخيرة بعد الركوع " ثم ذكر رواية سماعة المتقدمة ثم صحيحة معاوية بن عمار ثم رواية عمر بن حنظلة.
والظاهر أنه أراد بذلك وجه الجمع بين هذه الأخبار وأنه أراد بالإمام إمام الأصل (عليه السلام) بمعنى أنه إذا صلاها إمام الأصل جمعة ففيها قنوتان، وعلى هذا حمل رواية أبي بصير وسماعة، وإن صلاها غيره فإن كان صلاها جمعة ولم يكن إمام الأصل فقنوت واحد في الركعة الأولى، وعلى هذا حمل صدر صحيحة معاوية بن عمار وصد رواية عمر بن حنظلة، وإن صلاها ظهرا جماعة أو منفردا فقنوت واحد في الركعة الثانية، وعلى هذا يدل عجز صحيحة معاوية بن عمار وعجز رواية عمر بن حنظلة. وفيه من البعد ما لا يخفى فإن الإمام في هذه الأخبار بل أخبار الجمعة كملا إما أن يحمل على إمام الأصل كما هو المشهور بينهم أو الإمام مطلقا كما هو الحق، وحمله في خبر على أحدهما وفي آخر على غيره ترجيح من غير مرجح، على أن التفصيل الذي في رواية أبي بصير