مجرد القاء الخلاف بين الشيعة في ذلك لدفع الشنعة عنهم كما تقدم تحقيقه في المقدمة المذكورة، على أن القول بذلك منقول عن جملة من المخالفين: منهم - الزهري والأوزاعي وسعيد بن المسيب الحسن وقتادة والحكم (1) فعل لمذهب هؤلاء شهرة وصيتا في ذلك الوقت أوجب خروج هذه الأخبار موافقة لهم، وقد نقل عنهم في المنتهى أنه إذا أخل المصلي بتكبيرة الاحرام عامدا أعاد صلاته ولو أخل بها ناسيا أجزأته تكبيرة الركوع وكيف كان فالحمل فيها على ما ذكرناه متعين إذ ليس مع عدم ذلك إلا طرحها وردها لما عرفت من اجماع الطائفة على العمل بتلك الأخبار. والله العالم.
(المسألة الثانية) - المشهور نصا وفتوى استحباب التوجه في أول الصلاة بست تكبيرات مضافة إلى تكبيرة الاحرام وهي واجبة كما تقدم، وكيفية التوجه بالجميع أن يكبر ثلاثا ثم يدعو بالمرسوم ثم اثنتين ثم يدعو اثنتين ثم يتوجه.
والمشهور بين الأصحاب أنه يتخير في السبع أيها شاء نوى بها تكبيرة الاحرام فيكون ابتداء الصلاة بها، قال في المدارك: والمصلي بالخيار إن شاء جعلها الأخيرة وأتى بالست قبلها وإن شاء جعلها الأولى وأتى بالست بعدها وإن شاء جعلها الوسطى، والكل حسن لأن الذكر والدعاء لا ينافي الصلاة. ثم نقل عن الشهيد في الذكرى أن الأفضل جعلها الأخيرة ثم قال ولا أعرف مأخذه. أقول: ما نقله عن الذكرى من جعلها الأخيرة قد صرح به الشيخ في المصباح وتبعه في ذلك جمع: منهم - شيخنا الشهيد (قدس سره) وغيره، وربما كان منشأ ذلك كون دعاء التوجه بعدها. وفيه أنه لا يصلح دليلا لذلك.
ثم أقول: الظاهر عندي من التأمل في أخبار المسألة أنها الأولى خاصة، وممن تفطن إلى ذلك من محققي متأخري المتأخرين شيخنا البهائي في حواشي الرسالة الاثني عشرية والمحدث الكاشاني في الوافي والسيد الفاضل المحدث السيد نعمة الله الجزائري بل صرح بتعيين الأولى لذلك.