فلا إعادة عليك، فإن ذكرتها من قبل أن تقرأ نصف سورة فارجع إلى سورة الجمعة وإن لم تذكرها إلا بعد ما قرأت نصف سورة فامض في صلاتك ".
أقول: هذه جملة أخبار المسألة والصدوق قد حمل الأخبار الدالة على مطلق الأمر بهاتين السورتين في الجمعة التي هي أعم - كما عرفت - من الواجبة أو الظهر على الوجوب مستندا إلى صحيحة عمر بن يزيد الدالة على الإعادة لو أخل بهما، وصحيحة محمد بن مسلم الدالة على أن من تركهما متعمدا فلا صلاة له، ورواية الأحول عن أبيه الدالة على أن لم يقرأ هما فلا جمعة له، ورواية صباح بن صبيح الدالة على اتمام ركعتين ثم الاستئناف لو تركهما. ثم إنه حمل الروايات الدالة بظاهرها على صحة الجمعة مع قراءة غير السورتين المذكورتين على السفر أو المرض أو الحاجة. وفيه أن بعض تلك الأخبار وإن أمكن فيه ما ذكره إلا أن صحيحة علي بن يقطين ورواية محمد بن سهل قد صرحتا بأن من قرأ بغير السورتين المذكورتين متعمدا فلا بأس ومفاد التعمد هو عدم العذر، وحينئذ فلا يجري حمله المذكور فيهما مع إمكان التأويل في ما استند إليه بالحمل على تأكيد الاستحباب وله نظائر في الأخبار كما لا يخفى على من جاس خلال الديار. وأما قوله (عليه السلام) " لا صلاة له أو لا جمعة له " فقد ورد نظيره " أن من تكلم في أثناء الخطبة فلا جمعة له " (1) و " لا صلاة لجار المسجد إلا فيه " (2) ونحو ذلك. وأما الإعادة لو تركهما فإنه قد ورد نظيره في تارك الأذان والإقامة ونحو ذلك، على أن الإعادة في رواية صباح إنما هي في صلاة الجمعة ومدعاه أعم منها ومن الظهر فلا تنهض دليلا له. وحمل الجمعة على الظهر وإن أمكن إلا أنه مجاز لا يصار إليه إلا مع القرينة. وبالجملة فالظاهر هو القول المشهور وحمل هذه الأخبار على ما ذكرناه.
وأما العصر فالمشهور فيها استحباب السورتين المذكورتين والصدوق قد وافق هنا.