وبعض مشايخنا جمع بين الأخبار هنا بأن يبتدئ أولا إلى القبلة ثم يختمه مائلا إلى اليمين. والظاهر بعده ولا يبعد الجمع بين الأخبار بالتخيير كما يدل عليه ظاهر الخبر العاشر.
وأما بالنسبة إلى المأموم فقد تضمن الخبر الأول أنه يسلم تسليمة عن يمينه وتسليمة عن يساره، وتضمن الخبر الثاني أنه يسلم واحدة عن يمينه خاصة إذا لم يكن على يساره أحد، وتضمن الخبر الرابع أنه يسلم تسليمتين بقول مطلق، واطلاقه محمول على ما تضمنه غيره من أن إحداهما إلى اليمين والأخرى إلى اليسار متى كان على يساره أحد، والخامس تضمن أنه يسلم اثنتين إلا أن لا يكون على شماله أحد فواحدة عن اليمين، والسادس تضمن كما تضمنه الخامس، والخبر السابع تضمن تسليمة واحدة خاصة على اليمين سواء كان أحد عن يمينه أو لم يكن، واطلاقه في التسليمة الواحدة يحمل على ما إذا لم يكن على يساره أحد.
وبالجملة فالمفهوم من ضم هذه الأخبار بعضها إلى بعض أن المأموم يسلم واحدة عن يمينه سواء كان عن يمينه أحد أو لم يكن ويسلم عن يساره إذا كان ثمة أحد وإلا فلا.
وأما ما ذكره في المدارك بعد ذكر الرواية الخامسة والسادسة - حيث قال: وليس في هاتين الروايتين ولا في غيرهما مما وقفت عليه دلالة على الايماء بصفحة الوجه - ففيه أن المتبادر من هذه الألفاظ المذكورة في الأخبار - من قولهم " سلم على من على يمينك وشمالك " وقولهم " تسليمة واحدة عن يمينك " ونحو ذلك - التوجه بالوجه كلا أو بعضا نحو اليمين والشمال، فإن العرف قاض بأن من قصد خطاب شخص توجه إليه بوجهه، وأما الاكتفاء في ذلك بمجرد النية والقصد فبعيد غاية البعد. ويؤيد ما قلناه ما اشتملت عليه الرواية السادسة من قوله في حكم الإمام " سلم وأنت مستقبل القبلة " وقوله في حكم المأموم " سلم على من على يمينك وشمالك " فإنه لا ريب في تغاير معنى كل من العبارتين للأخرى وليس إلا بما قلناه.
وأما الاستشكال في الانحراف حال التسليم يمينا وشمالا من حيث كراهة