وإن لم ينقله لا يطابق ما ذكره كما لا يخفى.
وظاهر العلامة في المنتهى حمل اختلاف الأخبار على الفضيلة والكمال حيث إن المقام مقام الاستحباب، قال: وهذه الأخبار وإن اختلف في الوجه الأول فلا يضر اختلافها إذ هو في فعل مستحب وذلك يحتمل اخلافه لا خلاف الأوقات والأحوال فتارة يبالغ الأئمة (عليهم السلام) في الأمر بالكمال وتارة يقتصر على ما يحصل معه بعض المندوب ولا استبعاد في ذلك. وأيده بالأخبار الدالة على عدم القنوت فيها بالكلية وهي ما رواه الشيخ عن عبد الملك بن عمرو (1) قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) قنوت الجمعة في الركعة الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعد الركوع؟
فقال لي لا قبل ولا بعد " وموثقة داود بن الحصين (2) قال: " سمعت معمر بن أبي رئاب يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) وأنا حاضر عن القنوت في الجمعة فقال ليس فيها قنوت " قال بعد ذكر هذين الخبرين: فههنا قد اقتصر على فعل الصلاة من غير قنوت اشعارا باستحبابه وأنه ليس فيها قنوت واجب. انتهى.
ومرجع كلامه (قدس سره) إلى التخيير بين القنوت في الأولى خاصة كما هو مذهب الشيخ المفيد (قدس سره) وأتباعه وإن كان أقل فضلا وبين القنوتين كما هو المشهور وهو الأفضل وبين عدم القنوت بالكلية وهو المرتبة الخالية من الفضيلة بالمرة. وهو محتمل إلا أن ظاهر رواية أبي بصير وما اشتملت عليه من الجواب ينافيه فإنه لو كان المقام مقام تخيير لما أضرب (عليه السلام) عما أفتى به أولا من القنوت في الركعة الأولى الذي أفتى به سابقا وأمر بالقنوتين كما لا يخفى. وأما خبر عبد الملك ابن عمرو وكذا خبر داود بن الحصين فما حملهما عليه من نفي الوجوب كما هو أحد احتمالي الشيخ (قدس سره) في التهذيب محتمل إلا أن الظاهر هو حملهما على التقية (3) كما