وقد عرفت مما قدمناه أن المراد بالاقعاء في أخبار الجواز هو الاقعاء الذي جعلوه هنا سنة وهو الجلوس على العقبين معتمدا على صدور الرجلين هذا بالنسبة إلى ما بين السجدتين وإلا فقد عرفت أن الاقعاء في التشهد مما لا معارض للقول بالمنع منه.
ولا يخفى أن ذكره الأصحاب - من جواز الاقعاء على كراهة في جلوس الصلاة مطلقا مع تفسيرهم الاقعاء بالجلوس على العقبين معتمدا على صدور قدميه - ظاهر في صحة الصلاة بجلوسه على هذه الكيفية، وهو مشكل فإن صدق الجلوس شرعا أو عرفا على هذه الكيفية لا يخلو من بعد سيما مع تصريح الخبر بأن المقعى ليس بجالس.
والظاهر أن ما ذكره في الفقيه وصرحت به رواية عمرو بن جميع من عدم الجواز مراد به ظاهره لا المبالغة في الكراهة كما صرح به ابن إدريس، لما عرفت من أن الجالس على عقبيه مع اعتماده على صدور رجليه لا يصدق عليه أنه جالس كما صرحت به الرواية وحينئذ فيجب حمل لفظ " لا ينبغي " في رواية السرائر على معنى التحريم وهو أكثر كثير في الأخبار كما تقدم ذكره في غير مقام.
وبالجملة فالذي يتلخص مما فهمنا من أخبار المسألة هو كراهة الاقعاء بمعنى الجلوس على الأليين كاقعاء الكلب بحمل روايات النهي على هذه الصورة كما عرفت وأما روايات الجواز فهي محمولة على الاقعاء بالمعنى الثاني ولكن رواياته إنما خرجت مخرج التقية وموردها بين السجدتين الذي قد عرفت من كلامهم أنه سنة، والظاهر هو عدم جوازه لعدم صدق الجلوس معه إلا في حال التقية وإن كان ذلك خلاف ما عليه الأصحاب كما عرفت. والله العالم.
(المسألة الثانية) - المشهور بين الأصحاب أن من كان في موضع سجوده دمل أو جراحة أو دم يمنع من السجود عليه فإن أمكنه أن يحفر حفيرة أو يعمل شيئا مجوفا من طين أو خشب أو نحوهما ليقع السليم من الجبهة على ما يصح السجود عليه وجب وإن تعذر لاستغراق الجبهة بالمرض أو غير ذلك سجد على أحد الجبينين فإن تعذر فعلى ذقنه.