الأليين ناصبا فخذيه واضعا يديه على الأرض مثل اقعاء الكلب، ورواية أبي بصير الدالة على النهي عنه بين السجدتين وإن كانت مطلقة إلا أن رواية للمشايخ الثلاثة المصرحة بالنهي في الصورة المذكورة قد صرحت بأنه بهذا المعنى فتحمل رواية أبي بصير عليها في ذلك - وروايات الجواز على الاقعاء بالمعنى الذي عند الفقهاء كما صرحت به رواية عمرو بن جميع، ورواية عبيد الله بن علي الحلبي المتقدمة الدالة على نفي البأس عنه بين السجدتين وإن كانت مطلقة في معنى الاقعاء إلا أنه يجب حملها على رواية عمرو بن جميع التي اشتركت معها في نفي البأس عنه في الصورة المذكورة حيث صرحت بتفسيره. وفي هذا وقوف على ظاهر الروايات من كل من الطرفين وتقييد مجملها بمفصلها وحمل مطلقها على مقيدها.
هذا بالنسبة إلى الجلوس بين السجدتين الذي هو مورد اختلاف الأخبار فإنها إنما تقابلت فيه خاصة.
وأما التشهد فظاهر روايتي معاني الأخبار والسرائر هو المنع من الاقعاء، وليس لهاتين الروايتين بالنسبة إلى التشهد معارض في الأخبار بل فيها ما يؤيدهما مثل قوله (عليه السلام) في صحيحة زرارة الدالة على النهي عن القعود على قدميه وأنه يتأذى بذلك ولا يكون قاعدا على الأرض وإنما قعد بعضه على بعض فلا يصبر للتشهد والدعاء (1) وما توهمه صاحب المدارك - من تعدية الحكم فيها إلى الجلوس بين السجدتين، قال فإن العلة التي ذكرها في التشهد تحصل في غيره فيتعدى الحكم إليه - ممنوع بأن الذكر والدعاء في التشهد أكثر منهما بين السجدتين كما لا يخفى فلا يثبت تعدي الحكم، ورواية السرائر وإن أجمل فيها الاقعاء إلا أنه مفسر في رواية عمرو بن جميع فيحمل اجمالها على تفسير هذه.
نعم يبقى الكلام في أنه قد تقدم أن ظاهر الأخبار وكلام الأصحاب هو استحباب التورك في جلوس الصلاة مطلقا. والوجه في الجواب عن ذلك ما ذكره الشيخ من حمل أخبار الجواز على الرخصة والجواز وإن كان خلاف الأفضل.