الأصحاب لا يرى وجوب الجهر بل يستحبه مؤكدا. والتحقيق أنه يمكن الجمع بين الخبرين بحمل الأول على الاستحباب أو حمل الثاني على التقية، ولعل الأول أرجح لأن الثانية أوضح سندا وأظهر دلالة مع اعتضادها بالأصل وظاهر القرآن. انتهى.
أقول: وعدي فيه نظر من وجوه (أحدها) - نقله رواية زرارة عارية عن وصف الصحة حيث إنه نقلها عن الشيخ وهي وإن كانت في كتابيه كذلك لكنها من روايات الصدوق في الفقيه وطريقه إلى زرارة في أعلى مراتب الصحة فتكون الرواية صحيحة، وبه يظهر ضعف ما ذكره أخيرا من دعواه كون صحيحة علي بن جعفر أوضح سندا بناء على نقله لها عن الشيخ (قدس سره).
و (ثانيها) - أنه مما يدل على هذا القول أيضا صحيحة زرارة الأخرى عنه (عليه السلام) (1) قال: " قلت له رجل جهر بالقراءة في ما لا ينبغي الجهر فيه أو أخفى في ما لا ينبغي الاخفاء فيه، وترك القراءة في ما ينبغي القراءة فيه أو قرأ في ما لا ينبغي القراءة فيه؟ فقال أي ذلك فعل ناسيا أو ساهيا فلا شئ عليه ".
وما رواه في الفقيه في علل الفضل بن شاذان عن الرضا (عليه السلام) (2) " أن الصلوات التي يجهر فيها إنما هي في أوقات مظلمة فوجب أن يجهر فيها ليعلم المار أن هناك جماعة.. الحديث ".
ومثله ما رواه الصدوق أيضا في حكاية صلاة النبي (صلى الله عليه وآله) بالملائكة في ابتداء الصلاة (3) قال: " سأل محمد بن عمران أبا عبد الله (عليه السلام) قال لأي علة يجهر في صلاة الجمعة وصلاة المغرب وصلاة العشاء الآخرة وصلاة الغداة وسائر الصلوات الظهر والعصر لا يجهز فيهما؟ قال لأن النبي (صلى الله عليه وآله) لما أسرى به إلى السماء كان أول صلاة فرض الله عليه الظهر يوم الجمعة فأضاف إليه الملائكة تصلي خلفه وأمر نبيه (صلى الله عليه وآله) أن يجهر بالقراءة ليبين لهم فضله ثم فرض عليه العصر ولم يضف إليه أحدا