ولعل (سكوته) صلى الله عليه وآله وسلم (أو صمته كما ما في رواية أخرى) لما سأل عن كيفية الصلاة كان غضبا لذلك. ففي حديث أبي مسعود كما في (الموطأ) لمالك بن أنس (إمام المالكية) في كتاب الصلاة، عن أبي سعيد الأنصاري قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم في مجلس سعد بن عباده فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك ؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله.
ثم قال: [قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد...]، وفي رواية الحاكم في المستدرك: فصمت حتى تمنينا أنه لم يسأله. ثم قال [قولوا: اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد...].
قد يقال في أول وهلة: كان سكوته صلى الله عليه وآله وسلم انتظارا لنزول الوحي عليه بكيفية الصلوات ليجيبهم بما ينزل، (قد يحتمل ذلك) إلا أن قولهم:
[حتى تمنينا أنه لم يسأله..] يبعد هذا الاحتمال، وذلك لما تكرر منه صلى الله عليه وآله وسلم من كيفية الصلوات وبيانها، بل لعل سكوته أو صمته كان لعلمه بنزاعهم على الكيفية في ضم آله معه بعد بيانه، وهم مع ذلك يعاودون السؤال.
ويؤيد هذا ما في رواية عقبة بن عمرو التي رواها النميري المغربي المالكي في (الأعلام) قال: أتى رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم رجل فقال: يا رسول الله أما السلام فقد عرفناه فكيف الصلاة عليك؟ قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم حتى وددنا أن الرجل الذي سأله لم يسأله فقال إذا صليتم علي (10): [فقولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت...].
فيا للعجب! أيغضب النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لمجرد سؤال ديني يتعلق بتفسير أمر الله تعالى وهم الآخرون ارتبكوا حتى ودوا أنهم لم يسألوه ولماذا يتكاسل (والعياذ بالله) عن مسؤوليته ويبدي غضبه عمن سأله عن واجبه؟ أيقال ذلك في حق من بعثه الله رحمة للعالمين؟ والذي يخرجهم من الظلمات إلى النور والذي كان على خلق عظيم. بل يجب عليه أن يبينه لهم انطلاقا من واجبه الرسالي وتكليفه الرباني.