على خلقه، كما قال الله تعالى: {قل فلله الحجة البالغة} [الأنعام: 149]، أغشى أبصارهم، وجعل على قلوبهم أكنة عن تأمل ذلك، فتركوه بحاله، وحجبوا عن تأكيد الملتبس بإبطاله، فالسعداء ينتبهون عليه، والأشقياء يعمون عنه، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور.
أقول: قوله عليه الصلاة والسلام: (لأسقطوها مع ما أسقطوا منه) يعنى لأسقطوها مع العبارات التي نزلت مع الآيات تفسيرا أو تأويلا لها وإلا فإن القرآن مصون من التحريف وقد عهد الله تعالى حفظه وصيانته عن أي بطلان: قال عز وجل: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} [فصلت: 43] وقال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9] أو يقال هو من أسباب الحفظ عن التحريف.
ويعلم من كلامه عليه الصلاة والسلام أن من أسباب حفظ الكتاب عن التحريف هو ذكر الرموز دون التصريح حيث قال عليه الصلاة والسلام: [ثم إن الله جل ذكره لسعة رحمته، ورأفته بخلقه، وعلمه بما يحدثه المبدلون من تغيير كتابه، قسم كلامه ثلاثة أقسام: فجعل قسما منه يعرفه العالم والجاهل، وقسما لا يعرفه إلا من صفى ذهنه، ولطف حسه، وصح تمييزه ممن شرح الله صدره للإسلام، وقسما لا يعرفه إلا الله وأمناؤه والراسخون في العلم.
وإنما فعل الله ذلك لئلا يدعي أهل الباطل من المستولين على ميراث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من علم الكتاب ما لم يجعله الله لهم، وليقودهم الاضطرار إلى الإئتمام لمن ولاه الله أمرهم... فأما ما علمه الجاهل والعالم من فضل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كتاب الله، فهو قول الله عز وجل: {من يطع الرسول فقد أطاع الله} [النساء: 80].
وقوله: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا آيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}: ولهذه الآية ظاهر وباطن، فالظاهر قوله: {صلوا عليه}