عصى على السلطان البارسلان بعد طغرلبك وقصد الري ليملكه وقاتله البارسلان سنة ست وخمسين فانهزم عسكر قطلمش ووجد بين القتلى فتجمع له البارسلان وقعد للعزاء فيه كما تقدم في أخبارهم وقام بأمره ابنه سليمان وملك قونية وأقصرا وغيرهما من الولاية التي كانت بيد أبيه وافتتح أنطاكية من يد الروم سنة سبع وسبعين وأربعمائة وقد كانوا ملكوها منذ خمس وخمسين وأربعمائة فأخذها منهم وأضافها إلى ملكه وقد تقدم خبر ملكه إياها في دولتهم وكان لمسلم بن قريش صاحب الموصل ضريبة على الروم بأنطاكية فطالب بها سليمان بن قطلمش فامتعض لذلك وأنف منه فجمع مسلم العرب والتركمان لحصار أنطاكية ومعه جق أمير التركمان والتقيا سنة ثمان وسبعين وانحاز جق إلى سليمان فانهزم العرب وسار سليمان بن قطلمش لحصار حلب فامتنعت عليه وسألوه الامهال حتى يكاتب السلطان ملك شاه ودسوا إلى تاج الدولة تتش صاحب دمشق يستدعونه فأغذ السير واعترضه سليمان بن قطلمش على غير تعبية فانهزم وطعن نفسه بخنجر فمات وغنم تتش معسكره وملك بعده ابنه قليج أرسلان وأقام في سلطانه ولما زحف الإفرنج إلى سواحل الشأم سنة تسعين وأربعمائة جعلوا طريقهم على القسطنطينية فمنعهم من ذلك ملك الروم حتى شرط عليهم أن يعطوه أنطاكية إذا ملكوها فأجابوا لذلك وعبروا خليج القسطنطينية ومروا ببلاد قليج أرسلان بن سليمان ابن قطلمش فلقيهم في جموعه قريبا من قونية فهزموه وانتهوا إلى بلاد بن ليون الأرمني فمروا منها إلى أنطاكية وبها باغيسيان من أمراء السلجوقية فاستعد للحصار وأمر بحفر الخندق فعمل فيه المسلمون يوما ثم عمل فيه النصارى الذين كانوا بالبلد من الغد فلما جاؤوا للدخول منعهم وقال أنا لكم في مخلفكم حتى ينصرف هؤلاء الإفرنج وزحفوا إليه فحاصروه تسعة أشهر ثم عدا بعض الحامية من سور البلد عليهم فادخلوهم من بعض مسارب الوادي وأصبحوا في البلد فاستباحوه وركب باغيسيان للصلح فهرب ولقيه حطاب من الأرمن فجاء برأسه إلى الإفرنج وولى عليها بيمشد من زعماء الإفرنج وكان صاحب حلب وصاحب دمشق قد عزما على النفير إلى أنطاكية لمدافعتهم فكاتبهم الإفرنج بالمسالمة وانهم لا يعرضون لغير أنطاكية فأوهن ذلك من عزائمهم وأقصروا عن انجاد باغيسيان وكان التركمان قد انتشروا في نواحي العراق وكان كمستكين بن طبلق المعروف أبوه بالوانشمند ومعناه المعلم عندهم قد ملك سيواس من بلاد الروم مما يلي أنطاكية وكان بملطية مما يجاورها متغلب آخر من التركمان وبينه وبين الوانشمند حروب فاستنجد صاحب ملطية عليه الإفرنج وجاء بيضل من أنطاكية سنة ثلاث وتسعين في خمسة آلاف فلقيه ابن الوانشمند
(١٦٣)