السلطان فاتبعوه وأدركه اثنان منهم فقتلهما ويئس منه الباقون فرجعوا عنه وصعد جبل الأكراد فوجدهم مترصدين في الطرق للنهب فسلبوه وهموا بقتله وأسر إلى بعضهم أنه السلطان فمضى به إلى بيته ليخلصه إلى بعض النواحي ودخل البيت في غيبه بعض سفلتهم وبيده حربة وهو يطلب الثار من الخوارزمية بأخ له قتل بخلاط فقتله ولم يغن عنه البيت وكانت الوقعة منتصف شوال سنة ثمان وعشرين هذه سياقة الخبر من كتاب النسائي كاتب السلطان جلال الدين وأما ابن الأثير فذكر الواقعة وانه فقد فيها وبقوا أياما في انتظار خبره ولم يذكر مقتله وانتهى به التأليف ولم يزد على ذلك قال النسائي وكان السلطان جلال الدين أسمر قصيرا تركيا شجاعا حليما وقورا لا يضحك الا تبسما ولا يكثر الكلام مؤثرا للعدل إلا أنه مغلوب من أجل الفتنة وكان يكتب للخليفة والوحشة قائمة بينهما كما كان أبوه يكتب خادمه المطواع فلان فلما بعث إليه بالخلع عن خلاط كما مر كتب إليه عبده فلان والخطاب بعد ذلك سيدنا ومولانا أمير المؤمنين وامام المسلمين وخليفة رب العالمين قدوة المشارق والمغارب المنيف على الذروة العليا ابن لؤي بن غالب ويكتب لملوك الروم ومصر والشأم السلطان فلان بن فلان ليس معها أخوه ولا محبه وعلامته على تواقيعه النصرة من الله وحده وعلامته لصاحب الموصل بأحسن خط وشق القلم شقين ليغلظ ولما وصل من الهند كاتبه الخليفة الجناب الرفيع الخاقاني فطلب الخطاب بالسلطان فأجيب بأنه لم تجربه عادة مع أكابر الملوك فألح في ذلك حين حملت له الخلع فخوطب بالجناب العالي الشاهستانى ثم انتشر التتر بعد هذه الواقعة في سواد آمد وأرزن وميافارقين وسائر ديار بكر فاكتسحوها وخربوها وملكوا مدينة اسعرد عنوة فاستباحوها بعد حصار خمسة أيام ومروا بماردين فامتنعت ثم وصلوا إلى نصيبين فاكتسحوا نواحيها ثم إلى سنجار وجبالها والخابور ثم ساروا إلى تدليس فأحرقوها ثم إلى أعمال خلاط فاستباحوا أباكرى وارتجيس وجاءت طائفة أخرى من آذربيجان إلى أعمال أربل ومروا في طريقهم بالتركمان الاموامية والأكراد الجوزقان فنهبوا وقتلوا وخرج مظفر الدين صاحب أربل بعد أن استمد صاحب الموصل فلم يدركهم وعادوا وبقيت البلاد قاعا صفصفا والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين وافترق عسكر جلال الدين منكبرس وساروا إلى كيقياد ملك الروم فأثبتهم في ديوانه واستخدمهم ثم هلك سنة أربع وثلاثين وولى ابنه غياث الدين كتحسرق فارتاب بهم وقبض على كبيرهم وفر الباقون واكتسحوا ما مروا به وأقاموا مستبدين بأطراف البلاد ثم استمالهم الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل وكان نائبا لأبيه بالبلاد الشرقية حران وكيفا وآمد واستأذن أباه
(١٤٤)