منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١١٠
السند من الاجلاء، وإسناد الشيخ إلى أحمد معتبر. ولو نوقش في السند تارة بجهالة أحمد، وأخرى بتأخره عن العباس بطبقتين و سقوط الواسطة بينهما، لم يقدح ذلك في اعتبار الرواية بعد تصريح الشيخ في الفهرست بطريق آخر له إلى ابن مهزيار، قال: (أخبرنا بكتبه ورواياته جماعة عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه عن أبيه، ومحمد بن الحسن عن سعد بن عبد الله، والحميري، ومحمد بن يحيى، وأحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن العباس بن معروف عنه) فسند الرواية معتبر على هذا الطريق.
وأما الدلالة: فظاهر قوله عليه السلام: (لا تصلهما إلا على الأرض) من جهة اشتماله على السلب والايجاب هو شرطية الاستقرار في النافلة كالفريضة، فتبطل الصلاة في المحمل، لفقدانها للشرط.
وظاهر الامر في (صلهما في المحمل) جواز الاتيان بالنافلة في حال السير وعدم شرطية الاستقرار، لا وجوبالصلاة في المحمل، إذ الامر في مقام توهم الحظر، ولا مورد للجمع الدلالي بين الخبرين (بحمل الامر على الاستحباب فيخرج الخبران عن المتعارضين) و ذلك لعدم كون (صل) ظاهرا في الوجوب أصلا حتى يتصرف في دلالته، بل هو يدل على الترخيص من أول الامر، ومن المعلوم تحقق التعارض بين هذين الخبرين، وقد أجاب عليه السلام بالتخيير في الحجية بين المتعارضين.
وأورد عليه بعض أعاظم العصر بأن (ظاهر حكمه عليه السلام بالتخيير أن التخيير واقعي، إذ لو كان الحكم الواقعي غيره لكان الأنسب بيانه، لا الحكم بالتخيير بين الحديثين).
لكن يمكن أن يقال: ان وظيفة الإمام عليه السلام بما أنه مستودع علمه (تعالى شأنه) بيان الاحكام الواقعية الأولية والثانوية، وكذا بيان القواعد العامة كما هو كثير في الروايات التي بأيدينا. ومما يحتاج إلى معرفته عامة المكلفين علاج تعارض الخبرين من التخيير أو الترجيح أو التساقط رأسا مع كثرة الابتلاء بالمتعارضات في أبواب الفقه. فلا تنحصر وظيفة الامام في تبليغ الاحكام الفرعية حتى يكون الأنسب بشأنه بيان الحكم الواقعي خاصة، دون إعطاء قانون تعارض الخبرين، بل كل من الامرين مناسب لمقام الامام.
وعليه فالمتبع ظهور جوابه عليه السلام عن السؤال، وهو قوله:
(فموسع عليك) ولا يبعد ظهوره في التخيير الظاهري بين الخبرين المتعارضين في جميع الموارد، وكان منشأ التخيير في جميع الموارد مصلحة التسهيل على المكلفين والتسليم لهم عليهم السلام، وفي خصوص المورد كان منشأ التخيير عدم شرطية الاستقرار في الناقلة.
نعم يختص الحكم بالتخيير في هذه الرواية بالمستحبات المبني أمرها على التخفيف كما أفاده