منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٢٩٣
ذات المدلول، لا إلى حجيته.
وبعبارة أخرى: لا ريب في أن لسان التخصيص لسان المعارضة مع العام لا الملامة معه - كما هو الحال في الحكومة - واللازم ملاحظة بناء العقلاء في تحكيم الخاص على العام مع فرض كشف كل منهما عن الواقع، وأماريته عليه. والظاهر أن منشأ هذا التقديم أظهرية الخاص نوعا من العام، لا قرينيته - مطلقا - على ما يراد جدا من العام كي يلزم تقديم الخاص حتى فيما كان أضعف ظهورا من العام.
ويشهد لما ذكرناه ما تقدم في أخبار الترجيح - لا أخبار طرح المخالف للكتاب والسنة - من الامر بأخذ الخبر الموافق للكتاب دون المخالف له، مع وضوح صدق المخالفة هناك على ما يغاير عموم الكتاب أو إطلاقه، ومن المعلوم أن إطلاق (المخالف) على المخصص المنفصل كاشف عن عدم صدق القرينية العرفية هنا، فإن شأن القرينة الشرح والتعرض لما يراد من ذي القرينة لا المعارضة والمخالفة.
والمتحصل: أن التخصيص بالمنفصل يستند إلى الأظهرية النوعية، و لذا تأمل شيخنا الأعظم (قده) في تحكيم الخاص على العام عند استوائهما في الدلالة كما سبق بيانه في الفصل الأول من هذا المقصد.
وحيث كان المدار في التخصيص على ملاحظة قوة دلالة الخاص ذاتا وأظهريته من العام، فلا وجه للحكم (بتقديم الخاص أينما وجد على العام ولو كان ظهوره مساويا له أو أضعف منه) وذلك لان العام المخصص - في المتعارضين بالعموم من وجه مع ورود مخصص على أحد العامين - وإن كان بلحاظ حجيته أضيق دائرة في الكشف عن المراد الجدي، إلا أن قصر حجيته ببعض مدلوله غير موجب لقلب دلالته النوعية على العموم، ولا لأقوائية دلالته في مقدار حجيته، لان ظهوره ودلالته في مقدار حجيته إنما هو بعين ظهوره ودلالته على تمام مدلوله قوة وضعفا، لا بظهور آخر غيره، لوضوح كون قوة الدلالة وضعفها ناشئا من قالبية اللفظ للمعنى وكونه وجها له، فتلك المرتبة من الدلالة الحاصلة باستعمال العام - في أفراده - مجردا عن القرائن المكتنفة بالكلام لا تصير أشد وأقوى في الافراد الباقية بعد ورود الدليل المخصص، لاستحالة انقلاب الشئ عما وقع عليه.
وعليه ففرق بين الخاص الحقيقي الذي يقدم بقوة ظهوره على العام و بين الخاص العلاجي