منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٩٢
صحيح، ولا بد أن يكون هشام حاضرا في مجلس المخاطبة فسمع ألفاظ الإمام عليه السلام مخاطبا لأبي عمرو، وإلا فلو كان المخاطب هو الكناني خاصة - كما يظهر من ألفاظ الرواية - كان هشام راويا عن الكناني ويعود الاشكال.
وثانيا: ان هذا الخبر أجنبي عن ترجيح أحد الخبرين المتعارضين على الاخر بالأحدثية، لوجهين:
أحدهما: كون موضوع الترجيح الحكمين المقطوع صدورهما، لقوله عليه السلام: (أ رأيت لو حدثتك) وهذا غير قوله عليه السلام في خبر معلى: (بلغكم عن الحي) الشامل بإطلاقه لوصول الخبر إلى الشيعة سواء أوجب القطع بكلام الإمام عليه السلام أم لا. وأما قوله:
(حدثتك) فظاهره السماع من المعصوم عليه السلام بلا واسطة، فلا يشمل ما إذا كان الخبران المتعارضان ظنيين.
ثانيهما: إن الخبر بقرينة تحسين الإمام عليه السلام لقول الراوي: (قلت بأحدثهما وأدع الاخر) دليل على أن من ألقي إليه الكلام الأخير حكمه الفعلي ذلك سواء أكان واقعيا أم ظاهريا لأجل التقية، بل لا يبعد قرينية التعليل بقوله عليه السلام: (أبى الله إلا أن يعبد سرا.) على أن الأخير صدر تقية، لورود هذا المضمون في روايات التقية أيضا. و عليه يختص مدلول الخبر بزمان التقية وهو زمان خلفاء الجور، و لا ربط له بوظيفة الشيعة في جميع الأعصار حتى يجب الاخذ بأحدث الخبرين مطلقا.
والمتحصل من جميع ما تقدم: أنه لا دليل على الترجيح بالأحدثية بالنسبة إلى هذه الاعصار مما يختلف حال الشيعة فيها عن أزمنة الحضور، والابتلاء بخلفاء الجور.