فانقدح بذلك أن مثل هذه الاعتبارات إنما تكون مجعولة بنفسها، يصح انتزاعها بمجرد إنشاءها كالتكليف، لا مجعولة بتبعه ومنتزعة عنه.
____________________
اعلم أن كون تلك الاعتبارات وأمثالها قابلة للجعل التشريعي بحسب الامكان بمعنى عدم قيام دليل على الاستحالة كما في النحو الأول مما لا ينكر، كما أن مجعوليتها شرعا بحسب الوقوع في الخارج مما لا ريب فيه، انما الكلام في أنها مجعولات بالجعل البسيط الاستقلالي، أو مجعولات بالجعل التبعي جعلا مركبا، فذهب بعض إلى الأخير وشر ذمة إلى الأول، والتحقيق فيه كما عليه المصنف والسيد الأستاذ هو انه وان كان كل واحد منهما ممكنا الا ان الصحيح في المقام هو انها مجعولات بانشاء أنفسها لا أنها منتزعات عن الاحكام كما قال به بعض الاعلام، وذلك لان العرف والعقلاء يعتبرونها متحققة بمجرد تحقق أسبابها من العقد والايقاع وموت المورث وغيرها من غير ملاحظة التكاليف المجعولة، وينتزعونها عن مجرد العقد والايقاع من غير اعتبار الاحكام، بل تكون تلك الأمور بنظرهم موضوعات وعلل الاحكام والآثار كما لا يخفى على من تأمل من ذوي الابصار، وذلك دليل على المطلوب، لا ما قيل من أن الزوجية منتزعة عن جواز الوطئ، والملكية منتزعة عن جواز التصرف في المال فإنه ليس بصحيح، لان جواز الوطئ لا يستلزم الزوجية فإنه قد يثبت مع عدم الزوجية كالوطي بالشبهة ووطي الأمة مثلا، وكذا جواز التصرف في المال فإنه قد يكون مع عدم الملكية كالتصرف في المباحات الأصلية قبل قصد التمليك وهكذا، وهذا أقوى شاهد على المطلوب فانقدح بذلك كله ان تلك الاعتبارات انما تكون مجعولة بنفسها