من الميقات أو من مكة وهو مما لا يجري فيه هذا التخرص الذي ذكره والتمحل الذي اعتبره، فلا يكون ما ذكره كليا مع أن ظاهر النصوص كلية الحكم وهو كاف للخصم في التعلق به فإنه لا ينكر صحته.
وثانيا - أنه يمكن أيضا اجراء ما فرضه في الحج في الصلاة بأن يقبض الأجير الأجرة ويتصرف فيها بعد الاستئجار ولا يأتي بالصلاة إلا بعد نفاد الأجرة إذ الإجارة لا تقتضي الفورية كما هو الأظهر الأشهر، وحينئذ فيمكنه التقرب بها كما لو لم يكن أخذ أجرة فهو كالمتطوع.
وثالثا - أن قوله - أو نقول إن ذلك على سبيل الاسترضاء للتبرع - مناف لفرض المسألة أولا، فإن المفروض الاستئجار للحج كما صرح به في كلامه فكيف يجعله تبرعا وأن المدفوع من الأجرة على سبيل الاسترضاء. والفرق بين الأمرين أوضح واضح.
وبالجملة فإنه لو جاز بناء الأحكام الشرعية على مثل هذه التخريجات البعيدة والتمحلات الغير السديدة لا تسع المجال وانفتح باب القيل والقال، ولم يبلغ المجتهدون الذين قد أكثر من التشنيع عليهم في رسائله ومصنفاته إلى مثل هذه التخريجات الواهية الباردة والتخرصات البعيدة الشاردة. والله العالم.
المسألة الرابعة - لا يخفى على من تتبع كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) في هذا الباب ما وقع لهم من الاختلاف في القاضي والمقضي والمقضى عنه.
أما الأول فقد صرح الأكثر بأنه الولد الأكبر، قال في الذكرى بعد نقل ذلك عنهم: وكأنهم جعلوه بإزاء حبوته لأنهم قرنوا بينها وبينه والأخبار خالية عن التخصيص كما أطلقه ابن الجنيد وابن زهرة، ولم نجد في أخبار الحبوة ذكر الصلاة نعم ذكرها المصنفون ولا بأس به اقتصارا على المتيقن وإن كان القول بعموم كل ولي ذكر أولى حسبما تضمنته الروايات. انتهى.
أقول: قال ابن الجنيد: والعليل إذا أوجبت عليه صلاة فأخرها عن وقتها